عائشة سلطان

يقولون إن النجاح له ألف أب، لكن الفشل لا أب له ولا يجد حتى من يتبناه، بينما يقول الذين يفشلون إن الناجح لم ينجح لأنه يستحق بل لأن هناك من يسر له الطريق، وفي الحقيقة فإنه من الطبيعي جدا أن نسمع من الفاشلين مثل هذا القول لأنهم في مزاج سيئ يجعلهم راغبين في التحرر من عبء الضغط الذي يرزحون تحت ثقله، نعم إن الناجح لا ينجح بنفسه أو من الفراغ فلابد من وجود مؤثرات وأشخاص وظروف ساعدت على نجاحه، وأن تساعدك الظروف أو يؤثر أشخاص في حياتك لتنجح فإن هذا في حد ذاته ليس أمرا معيبا أو خاطئا، الخطأ حين تكون المساعدة لا أخلاقية أو تتضمن تواطؤا من نوع ما!

حين وقف شباب الإمارات مساء الجمعة على منصة التتويج في استاد ملعب البحرين لتسلم كأس بطولة الخليج في نسختها الحادية والعشرين إثر تغلبهم على المنتخب العراقي، فإن كلاما كثيرا قد قيل وسط الأفراح والتهاني والتبريكات، كما أن هناك من غمز في قناة هذا المنتخب الشاب ومدربه المواطن الجريء والواثق من قدراته وقدرات شباب بلاده، وكان أول الأسئلة كيف يهزم منتخب الإمارات منتخبات قوية، وتحديدا منتخبا عريقا قويا كمنتخب العراق، كل أفراده محترفون، وكأن التميز أو الفوز بطاقة محجوزة سلفا للبعض ولا يجوز لآخرين ان يحلموا بها او يختطفوها بجدارتهم، لقد قدم منتخب الإمارات الصغير الشاب للعالم دروسا كبيرة وفتح اعيننا على فلسفة النجاح في معناها البسيط والعميق جدا !

إن النجاح حلم مباح لكل إنسان، لكل دولة، ولكل شخص يملك القدرة على الحلم، وهو حق مشروع لهؤلاء الشباب الذين قرروا منذ ان حزموا حقائبهم مغادرين إلى البحرين أن يعودوا بالكأس عن استحقاق، وطالما آمنت بحلمك ووثقت بأنك تستحقه فستتضافر وقد تتآمر الدنيا كلها معك لتحقيق هذا الحلم كما يقول الروائي البرازيلي باولو كويلو، فلا احد أدنى من الحلم ولا أحد بعيد عن مرمى سهام الفشل، النجاح معادلة وليس قدراً والفشل كذلك، وغالبا ما يكون النجاح حليف هؤلاء الذين يعملون بجرأة وجدارة، كما انه نادرا ما يكون حليف أولئك المترددين الذين يتهيبون المواقف والنتائج !

نحن هنا لا نحلل مباراة في كرة القدم، لكننا ننظر للمباراة ولمنتخب الإمارات الشاب كنموذج امتلك تلك المعادلة او الخلطة المتناغمة لعوامل النجاح والتميز التي عزف بهما سيمفونية الإمتاع ومشهد الجمال الذي تابعته الملايين خلال الأيام السابقة، نحن هنا نلفت نظر الذين حاولوا النيل من هذا المشهد فنقول لهم حين ينجح أي إنسان فان كلاما كثيرا يثار ويملأ الفضاء غبار الراكضين واللاهثين والطامحين والطامعين، ذلك الكلام الذي قد يخدش السمع ليس سوى شيء من ذاك الغبار الذي سريعا ما يتطاير وينسى، فلا يلتفت له احد !

أمران بنى عليهما المدرب المتألق منتخبه: الأول كما جاء على لسان احد الخبراء الإداريين حين قال «عندما أقوم ببناء فريق فإنني ابحث دائما عن أناس يحبون الفوز فان لم اعثر عليهم ابحث عن أناس يكرهون الهزيمة» أما ثانياً فهي الثقة، أن تثق بنفسك وبقدراتك فان لم تثق بنفسك فلن يثق بك احد، لقد كان الشباب يلعبون بثقة عالية في انفسهم، ولولا الثقة في قدراتهم لما اعطى المدرب هذه المهمة الوطنية لهم

-الاتحاد