مريم الساعدي
إن كنت تقرأ مقالي هذا من الموقع الالكتروني لصحيفة «الاتحاد» فسترى صورتي أعلاه، وإن كنت تتصفح العمود من الصحيفة الورقية فقد عافاك الله.
فالحقيقة أن صورتي هذه، رغم جودة المصور، تعكس حالة غضب وحنق اعتمل بداخلي ساعة التقاطها. كنت في ذلك اليوم من عام 2010 قد عدت أكثر من ثلاث مرات إلى السفارة السويسرية لتقديم طلب لاستخراج تأشيرة الشينغن لرحلتي المقررة آنذاك إلى معرض الكتاب في بازل وبرغم استكمالي لأوراق الطلب وإرفاقه برسالة الدعوة من القائمين على المعرض لحضور ندوة بمناسبة ترجمة كتابي الأول مع مجموعة كاتبات إماراتيات إلى الألمانية -برعاية هيئة الثقافة في أبوظبي ضمن مشروع قلم وعبر دار لسان المختصة بترجمة الأدب العربي إلى الألمانية- إلا أنني احتجت للذهاب والمجيء لأكثر من مرة لأن بعض الأوراق لم تقنع الموظف في السفارة. فالدعوة ليست واضحة؛ عليهم تأكيدها باتصال مباشر إلى السفارة، ومكان الإقامة غير مؤكد بما يكفي، والصورة تبدو أقدم من ستة أشهر، ولون الحبر باهت، والصفحة صفراء، وأصابعي أطول من اللازم، وجبهتي عريضة، وأنفي ضيق وكدت انفجر. لم أكد انفجر للتعنت في الطلبات لاستخراج التأشيرة، فلكل دولة الحق في تقرير ما يناسبها من إجراءات بشأن الداخلين إليها، لكن ما أثار حنقي أنهم يدخلون بلادنا بدون سؤال. وكأن الأوروبي الأبيض الجميل إنسان خيّر بالضرورة لا ضرر من قدومه وقلبه أخضر مثل خضرة بلاده، والعربي الأسمر الملفوع بحرارة الشمس دوما إرهابي محتمل وقلبه مغروز بالشوك مثل صحرائه وجباله.
تذكرت هذه الحادثة مع انتشار إشاعة مؤخراً أفادت بقرار الاتحاد الأوروبي إعفاء مواطني الإمارات من تأشيرة الشينغن فيما الحقيقة أن الموضوع لازال قيد الدراسة ولم يتم البتّ فيه بعد وكانت الإمارات تشكر ألمانيا فقط على تأييدها الطلب الإماراتي. لكن الناس ولشدة لهفتهم ومعاناتهم من الأمر فهموا تأييد ألمانيا للطلب الإماراتي بأنه قرار نهائي.
المعاملة بالمثل، مطلب عادل ومنطقي لدولة مزدهرة اقتصادياً وعدد سكانها ضئيل، فنحن لا نسافر طلباً لهجرة تضغط على الوضع الاقتصادي في تلك البلدان، سفرنا لأوروبا أغلبه لأغراض علاج أو استكمال دراسة أو فقط سياحة نرى فيها بلاد الله ونهرب لبعض الوقت من لهيب الصيف، وكلها أسباب خير عليهم، ننتظر انتهاء أيامها لنعود لبلدنا. فنحن لا نخرج إلا لنعود سريعاً، تماماً مثل سمك البحر. وإن حصلت استثناءات فهي لا تؤثر على القاعدة العامة.
سأغير صورتي هذه إن تم إقرار إعفائنا من الشينغن فعلاً، وان قوبل الطلب بالرفض بالرغم من كل الجهود الدبلوماسية الحثيثة، فسأتركها؛ لأتذكر في كل مرة أزور فيها أوروبا أني أدفع بابها الثقيل بصعوبة لأدخل، في حين أنهم يدخلون أرضنا كأهل الدار وأكثر وشجرة عيد الميلاد تزين كل زاوية، وبيضة عيد الفصح توشك أن تفقس في باحة قصر الإمارات. حتى إذا ما حان الحديث عن «التسامح» العالمي يصمت القول عند الإمارات.
( الإتحاد )