نعت المملكة المتحدة بحزن شديد “المرأة الحديدية” رئيسة الوزراء السابقة مارجريت تاتشر التي توفيت امس عن عمر يناهز 87 عاماً إثر تعرضها لجلطة دماغية. وأوضحت رئاسة الحكومة في بيان “أنه ستقام جنازة للبارونة الراحلة في كاتدرائية سان بول، يحدد موعدها خلال أيام، لكن لن تكون مثل الجنازات الرسمية بكامل مراسمها بناء على رغبة أسرة تاتشر، وستتبعها عملية إحراق للجثة في مراسم خاصة”.
وقال القصر الملكي “إن الملكة اليزابيث الثانية حزنت لدى تلقي النبأ، وسترسل برقية مواساة لولديها التوأم مارك وكارول”. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي قطع جولته الأوروبية وعاد إلى لندن “لقد فقدنا قائدة عظيمة ورئيسة وزراء عظيمة وبريطانية عظيمة”. وقال رئيس الوزراء الأسبق المحافظ جون ميجور “إن تاتشر كانت قوة طبيعة حقيقية وظاهرة سياسية”. وقال توني بلير رئيس الوزراء الأسبق زعيم حزب العمال سابقا “إن تاتشر لم تغير فقط المشهد السياسي في بريطانيا وإنما في العالم”.
وابتعدت تاتشر عن الأضواء منذ تشخيص إصابتها بـ”الزهايمر” في 2002، وضعفها الجسدي بعد تعرضها لجلطات دماغية. ورغم انقسام الرأي العام البريطاني بشأنها بين الإعجاب الشديد والكره الدفين، تعتبر تاتشر من أقوى وأهم الشخصيات في تاريخ المملكة المتحدة، إذ أنها المرأة الوحيدة التي قادت حزب المحافظين لتحقيق النصر في 3 انتخابات، وتولت منصب رئاسة الوزراء لمدة 11 عاماً في ذروة الحرب الباردة (1979-1990)، وتمكنت من إنعاش اقتصاد بلاد كانت تعتبر لدى تسلمها الحكم “الرجل المريض في أوروبا”.
اشتهرت البارونة تاتشر وهي ابنة بقال بقوتها وصراحتها، وحصلت على لقبها الشهير “المرأة الحديدية” بسبب اعتمادها ليبرالية اقتصادية لا هوادة فيها ومواقفها المتشددة في علاقاتها مع النقابات وعمال المناجم، وسجناء “الجيش الجمهوري الآيرلندي”. وقد وصف عمال مناجم وفاتها بأنه “يوم عظيم”، وألمحوا إلى أنهم قد ينظمون تظاهرة بالتزامن مع جنازتها. ولم تتخل تاتشر طوال حكمها عن رفضها الشديد للتسويات خدمة لمبادئ تؤمن بها بعمق وهي السياسة الاجتماعية المحافظة والليبرالية الاقتصادية وفكرة عظمة بلادها. وكانت نظرتها الفولاذية الثاقبة بعينيها الزرقاوين رمزا لقوة لا تضعف. ولم يعبر احد عن شخصيتها تلك كما عبرت عنها هي نفسها حين قالت عبارتها الشهيرة “أنا مع الإجماع.. الإجماع حول ما أريده”. وحين أعلن انتصار بريطانيا على الأرجنتين واستعادة جزر المالوين (الفوكلاند) في أبريل 1982 قالت “ولى الزمن الذي كنا فيه أمة تكتفي بالدفاع.. إننا سعداء لأن بريطانيا أصبحت اليوم اكثر توهجا”.
وحيا الرئيس الأميركي باراك اوباما ذكرى تاتشر ووصفها بـ”الصديقة الحقيقية” للولايات المتحدة. وقالت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل “إن تاتشر كانت قائدة عظيمة”.
وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند “إن العلاقة التي كانت تقيمها الراحلة مع فرنسا اتسمت دوما بالصراحة والصدق، وأن الراحلة أعطت الدافع الحاسم لإنشاء النفق عبر بحر المانش ليربط بين بريطانيا وفرنسا”. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو “إنها كانت سيدة دولة عظيمة، متحفظة لكن ملتزمة بالاتحاد الأوروبي”.
وأشاد الرئيس السوفييتي السابق ميخائيل جورباتشوف، بتاتشر ووصفها بأنها “شخصية سياسية عظيمة كان لكلامها وزن كبير، وسيخلد التاريخ اسمها إلى الأبد”.
وحيا رئيس بولندا السابق ليخ فاونسا “الشخصية العظيمة التي أسهمت في سقوط الشيوعية في بولندا وفي أوروبا الشرقية مع الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريجن”. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون “إن تاتشر كانت قدوة بالنسبة للكثير من النساء”.
– الاتحاد