رحبت دولة الإمارات بالتوجهات المعلنة لفخامة الرئيس الإيراني حسن روحاني مؤكدة أنها ستسعى مخلصة للبناء عليها بما يعزز أمن واستقرار وازدهار المنطقة..داعية المجتمع الدولي إلى حث إيران على التجارب مع دعوات الدولة السلمية الصادقة المتكررة لتحقيق التسوية العادلة لقضية إحتلال إيران لجزر الإمارات الثلاث ” طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى”..وذلك من خلال المفاوضات المباشرة الجادة بين البلدين أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية.

وطالب سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان خلال خطابه أمام الدورة الـ/ 68 / للجمعية العامة للأمم المتحدة الليلة الماضية..باستعادة الدولة كامل سيادتها على جزرها الثلاث..مؤكدا أن جميع الإجراءات والتدابير التي تمارسها السلطات الإيرانية باطلة وتخالف القانون الدولي والأعراف والقيم الانسانية المشتركة.

واستعرض سموه خلال خطابه..المواقف السياسية لدولة الإمارات تجاه مجمل القضايا الإقليمية والدولية الراهنة.. معربا سموه عن قلق الدولة إزاء ما تشهده المنطقة العربية من أحداث عززت من الفتن الطائفية وأعمال الإرهاب والتحريض على العنف..منوها بجهود دولة الإمارات في نشر ثقافة الاعتدال ونبذ العنف ومكافحة التطرف بكافة اشكاله.

كما أعرب سموه عن قلق الدولة إزاء تزايد التداعيات الخطيرة للصراع في سوريا ودول المنطقة برمتها..داعيا المجتمع الدولي لإتخاذ كافة التدابير الكفيلة بمعاقبة النظام السوري على المجازر التي إرتكبها في حق المدنيين من شعبه.

وبشأن التطورات في مصر أكد سموه دعم دولة الامارات للتدابير السيادية التي قامت بها الحكومة المصرية لحماية أمنها والخطوات الأخرى التي أنجزتها في سبيل تنفيذ خارطة المستقبل المؤيدة شعبيا.

وناشد المجتمع الدولي بدعم مصر وحكومتها المؤقته خلال هذه المرحلة الحرجة لضمان تثبيت دعائم الإستقرار والتنمية والحكم الدستوري المدني في البلاد.

وعلى صعيد القضية الفلسطنية جدد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان موقف الإمارات المرحب بإعادة انطلاق محادثات السلام برعاية الولايات المتحدة الأميركية..معربا عن أمله أن تسفر هذه المحادثات عن نتائج ايجابية تؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية.

ورحب بالموقف الاتحاد الأوروبي القاضي بعدم إعترافه بشرعية المستوطنات الإسرائيلية ووقف التعامل معها مبديا استعداد الدولة للمساهمة في إنجاح مبادرة السلام الجديدة لتحقيق الأمن والسلام والنمو الإقتصادي في هذا الجزء المهم من العالم.

وفي يلي نص خطاب سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة…

// السيد الرئيس..أضم صوتي لأصوات الذين سبقوني لتهنئتكم على توليكم رئاسة الجمعية العامة في دورتها الثامنة والستين وأنا على ثقة بأن خبرتكم في الشؤون الدولية ستسهم في انجاح هذه الدورة..وأغتنم هذه الفرصة لأشكر سلفكم سعادة فوك يريميتش لإدارته الحكيمة لأعمال الدورة الماضية.

كما أتوجه بالتحية الى سعادة الأمين العام بان كي مون ومعاونيه على الجهود المستمرة التي بذلوها ويبذلونها من أجل تعزيز السلام والأمن والتنمية على المستوى العالمي.

السيد الرئيس: لقد كانت الإمارات العربية المتحدة ولا تزال مؤمنة ايمانا راسخا بأهداف الأمم المتحدة ومبادئها التي عبر عنها ميثاقها لحماية الأمن والسلم الدوليين والتعايش السلمي فيما بين الدول والشعوب من خلال حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية واحترام قواعد القانون الدولي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول..وخلق مناخ ملائم للعلاقات الدولية يقوم على أساس التسامح ونبذ العنف والاعتراف بالآخر واحترام حقوق الانسان والشعوب.

ولقد سارت بلادي على هذا النهج في علاقاتها الدولية على النطاقين الإقليمي والدولي..على أننا مع ذلك لا نخفي ما نشعر به من قلق عميق مما تشهده منطقتنا العربية من أحداث أطلت فيها الفتن الطائفية وتصاعدت الأعمال الارهابية فضلا عن تزايد التحريض على العنف، وما أدى اليه ذلك من ادخال المنطقة وشعوبها في حالة من الاستقطاب العنيف حيث انعدم الاستقرار وتراجعت التنمية.

ونرى في الخليج العربي كيف يتحرك التطرف والإرهاب في البحرين ساعيا إلى تقويض الأمن والاستقرار وهدم تاريخ من التسامح البعيد كل البعد عن الطائفية..وزاد من خطورة هذه الأوضاع تسييس الدين واستغلاله كوسيلة للإقصاء والتهميش لبقية أطياف المجتمع بعدما عاشت شعوب هذه المنطقة في مناخ من التسامح والتعايش السلمي البناء..ولقد أدى هذا كله الى شيوع الخوف على مصير الدولة الوطنية وهز دعائمها وبدد ثرواتها وقوض اقتصادها ولا يخفى عليكم أن هذه الظروف الصعبة أدخلت شباب المنطقة في دائرة الخطر من الوقوع في براثن التطرف والانزلاق الى العنف في أجواء تزايد فيها اليأس وانعدمت فيها الفرص.

ومن هنا تبدو الأهمية القصوى للجهود التي تبذلها دولة الامارات في نشر ثقافة الاعتدال ونبذ العنف ومكافحة التطرف بكافة اشكاله وأشير هنا على وجه الخصوص الى مبادرة بلادي بإنشاء مركز ” هداية ” لمكافحة التطرف العنيف والذي اقترحته دولة الامارات في اجتماعٍ جرى في اطار الأمم المتحدة..ولا يسعني في هذا السياق إلا أن أندد وبأشد العبارات العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف مركزا تجاريا في نيروبي عاصمة كينيا وأوقع العشرات من الضحايا الأبرياء.

السيد الرئيس..إن دولة الإمارات تشعر بخيبة أمل وإحباط عميق لعدم قدرة المجتمع الدولي حتى الآن من وضع حد عاجل للمأساة الخطيرة المتفاقمة التي يتعرض لها الشعب السوري الشقيق جراء الأعمال العسكرية والقصف العشوائي المنهجي الذي تقوم به قوات النظام السوري وتسبب حتى الآن في مقتل ما يزيد عن / 100/ ألف إنسان وإصابة وتشريد الملايين وذلك في أخطر إنتهاك لقواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي..إننا وإذ يساورنا بالغ القلق إزاء تزايد التداعيات الخطيرة لهذا الصراع في سوريا ودول المنطقة برمتها ندين ونرفض بشدة كافة الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها النظام السوري وبالأخص هجومة الكيماوي على الغوطة بريف دمشق الذي أودى بحياة آلاف المدنيين والأطفال.

وندعو المجتمع الدولي لإتخاذ كافة التدابير اللازمة لمعاقبة النظام السوري على المجازر التي إرتكبها في حق المدنيين ولا يخفى عليكم جميعا الإحباط الذي نشعر به وتشعر به غالبية دول المنطقة من تعطيل آليات الأمم المتحدة الكفيلة بالتصدي لعدوان الحكومة السورية على شعبها حيث أن هذا العجز في المؤسسات الدولية مسؤول بصورة مباشرة عن تفاقم المأساة الإنسانية التي نشهدها كما أنه مسؤول عن الخطر الذي يهدد سوريا دولةً ومجتمعا وشعبا…

إن دولة الإمارات التي قامت بواجباتها تجاه عمليات الإغاثة المستمرة للشعب السوري ولا تزال تمده بالمعونات والمستشفيات والأدوات والفرق الطبية اللازمة..تدعو إلى تضافر الجهود الدولية والإقليمية لتأمين الاحتياجات الإنسانية للنازحين السوريين بما في ذلك عبر الحدود للتخفيف من معاناتهم.

السيد الرئيس..وفي سياق بحث المنطقة عن استقرارها وبوصلتها ومستقبلها تبرز مصر كدولة محورية يعبر استقرارها وسلمها الأهلي عن بدء تعافي المنطقة ومن هذا المنطلق تتابع دولة الامارات بكل اهتمام التطورات الإيجابية التي تجري في جمهورية مصر الشقيقة انطلاقا من ايمان بلادي الراسخ بالأهمية الكبرى للدور المحوري لمصر في كفالة الاستقرار والتنمية والازدهار وأن مصر المستقرة والمطمئنة تمثل حجر الزاوية للأمن والسلام ليس فقط في المنطقة العربية وإنما في العالم أجمع.

لقد قامت في مصر موجة ثانية من الثورة في الـ/ 30 / من يونيو من هذا العام شارك فيها عشرات الملايين من الشعب المصري التي عبروا فيها عن ارادتهم الحاسمة في وضع خارطة طريقٍ ترسم مستقبلا أفضل لوطنهم لإرساء مسارٍ ديموقراطي يقوم على مساهمة جميع أطياف المجتمع دون اقصاء لأحد في ظل سياسة الاعتدال والوسطية ونبذ العنف وعدم استخدام الدين كوسيلةٍ للإقصاء والتصنيف وتكريس الطائفية وشيوع الكراهية..ولذلك فان دولة الإمارات ترى أن التدابير السيادية التي قامت بها حكومة مصر لحماية أمنها والخطوات التي أنجزتها في سبيل تنفيذ خارطة المستقبل المؤيدة شعبيا تبعث على التفاؤل في المصداقية التي تتمتع بها الحكومة في مصر.

وأنتهز هذه الفرصة لأناشد المجتمع الدولي دعم مصر في هذه المرحلة الحرجة ومساندة الجهود المخلصة لحكومتها المؤقتة لتثبيت دعائم الإستقرار والتنمية، والحكم الدستوري المدني.

وان دولة الامارات التي تدرك ما عانت منه المنطقة العربية من تدخل الغير في شؤونها وما نجم عن ذلك من تهديد كيان الدولة الوطنية..فإنها تحذر من التدخل في الشؤون الداخلية لمصر وتدعو الى الكف عن إرباك مسيرتها نحو الاستقرار والديموقراطية.

السيد الرئيس..هناك ترابط كبير بين قضايا المنطقة كما يدرك كافة المتابعين في هذه القاعة ويبرز موضوع السلام في المنطقة كمحور مهم مرتبط بكل ما يجري فيها وقد مضت عقود كثيرة ومازال الشعب الفلسطيني يتطلع الى حقه في تقرير مصيره وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية استنادا الى المرجعيات الدولية التي تعترف له بحقه وفق ما أكدته القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة في انشاء دولته على حدود الرابع من يونيو 1967 وعلى هدي من المبادرة العربية للسلام.

وبهذه المناسبة ترحب دولة الامارات بإعادة انطلاق محادثات السلام من جديد برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وتأمل في أن تسفر عن نتائج ايجابية لقيام الدولة الفلسطينية..كما ترحب بالموقف البناء للاتحاد الأوروبي من عدم الاعتراف بشرعية المستوطنات الاسرائيلية ووقف التعامل معها وإن دولة الإمارات مستعدة للمساهمة في إنجاح هذه المبادرة الجديدة لتحقيق الأمن والسلام والنمو الإقتصادي في هذا الجزء المهم من العالم.

السيد الرئيس : يمثل الأمن والاستقرار في منطقة الخليج أولوية عالية في سياستنا المتزنة التي تستمد مبادئها من ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي..لا سيما تلك الداعية للتعايش السلمي و بناء الثقة وحسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة واتباع الوسائل السلمية لتسوية الخلافات والنزاعات.

وانطلاقا من هذه المبادئ فان حكومة بلادي تعبر مجددا عن أسفها لاستمرار الاحتلال الإيراني لجزرنا الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى وتطالب باستعادة سيادتها الكاملة على هذه الجزر ونؤكد على أن جميع الإجراءات والتدابير التي تمارسها السلطات الإيرانية باطلة وتخالف القانون الدولي وكل الأعراف والقيم الانسانية المشتركة..ولذلك فإننا ندعو المجتمع الدولي الى حث ايران على التجاوب مع الدعوات السلمية الصادقة المتكررة للإمارات العربية المتحدة الداعية لتسوية عادلة لهذه القضية إما عبر المفاوضات المباشرة الجادة بين البلدين أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية للفصل في النزاع وفق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي..وإنطلاقا من هذه الأسس الراسخة في توجهنا نحو العلاقات الدولية في منطقتنا والعالم لا يسعني هنا إلا أن أرحب بالتوجهات المعلنة لفخامة الرئيس الإيراني حسن روحاني ومشيرا إلى أن بلادي ستسعى مخلصة للبناء عليها بما يعزز أمن واستقرار وازدهار المنطقة.

السيد الرئيس..لقد كثر الحديث عن برنامج إيران النووي وأحاطت به شكوك كثيرة.

ولذا فإننا نناشد إيران بالتعاون البناء مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بما يبدد كل شك حول سلمية نشاطها في هذا المجال بكل شفافية ووضوح تفاديا لأية عواقب سلبية تنجم عن غياب هذا التعاون.

ومن ناحية أخرى فإن دولة الإمارات تؤمن بأن الاستعمال السلمي للطاقة النووية يمثل حاجة ملحة لسد الطلب المتزايد على الطاقة..ونحن نفخر بأن يكون لدولتنا تجربة رائدة في الاستعمال السلمي للطاقة النووية واحاطة هذا الاستعمال بكل ضمانات الأمن والسلامة كذلك فان دولة الامارات قد فتحت الطريق لإنتاج الطاقة المتجددة وتطوير تقنية الحصول على الطاقة النظيفة مساهمة منها فيما يتطلع اليه المجتمع البشري من حماية الكرة الأرضية من الآثار السلبية لتغير المناخ.

السيد الرئيس..إن الامارات العربية المتحدة تؤمن إيمانا لا يتزعزع بضرورة تحقيق التنمية البشرية على المستويين الوطني والدولي كما أن تحقيق هذه الغاية لا يأتي إلا من خلال عدة أمور من بينها احترام حقوق الإنسان وتحقيق المساواة بين بني البشر دون التفرقة بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو اللغة أو أي سبب آخر..وما يقتضيه ذلك من احترام الكرامة الإنسانية ونبذ العنف وتحريم التعذيب والمعاملة المهينة.

وفي هذا السياق فإن دولة الإمارات ترحب غاية الترحيب بردود الأفعال الإيجابية للتقرير الدوري الشامل الذي تقدمت به إلى المجلس الدولي لحقوق الإنسان واعتماده من الدول الأعضاء الذين أشادوا فيه بما حققته دولة الإمارات من تقدم في هذا المجال.

إن التنمية البشرية الشاملة لابد وأن يتحقق لها المناخ المناسب من روح التسامح والوسطية وعدم إشاعة الكراهية بين البشر لأي سبب من الأسباب..وفي هذا السياق فإن من الضروري دعم وتعزيز الحوار بين الثقافات والأديان دون تعال من جانب ثقافة على أخرى فكل ثقافة لديها ما تعطيه للآخرين وما تأخذه منهم.

إن تمكين المرأة والاعتراف بالدور الحيوي الذي تقوم به في المجتمعات الإنسانية وحمايتها من التمييز ضدها في المجالات المختلفة يمثل ضرورة ينبغي أن يرعاها المجتمع الدولي. وتفخر دولة الإمارات بالخطوات الجادة التي اتخذتها في هذا السبيل على نحو كفل لها مرتبة متفوقة بين دول المنطقة في هذا المجال.

كما أنها بذلت خطوات هامة في سبيل مكافحة الاتجار بالبشر ووضعت من التشريعات ما يكفل الوقوف في وجه هذه الجريمة الانسانية.

وختاما فأن التنمية المستدامة لكافة الشعوب تمثل مسئولية ذات أولية كبرى لمنظمة الأمم المتحدة وللدول الأعضاء فيها مع تشجيع التعاون العلمي والتقني ونقل التكنولوجيا فيما بين الدول المتقدمة والدول النامية بما يحقق الصالح المشترك لشعوب العالم أجمع .. شكرا سيدي الرئيس //.

وام