يحيى القيسي

قبل أشهر قريبة زارت الفجيرة الفنانة الإماراتية المقيمة في فيرونا بإيطاليا فاطمة لوتاه، وقد استرعى انتباهها تلك الطمأنينة التي تغلف شوارع المدينة، والسكينة التي تلف جبالها، والسلام الذي يتمطى بهدوء بين جنباتها..!
قالت لي بأن معرضها المقبل خلال شهر مارس المقبل سيكون بعنوان ” أرض السلام ” والذي تتناول فيه أمكنة من الفجيرة، وأيضا ملامح من وجوه أهلها الأطياب.
تلك الحالة من الهدوء والراحة النفسية التي يشعر بها زائر هذه الإمارة أو المقيم بها تجعل للمكان هنا سحرا خاصا يجذب المرء إليه حتى لا يرغب بالمغادرة، وهذا الأمر شعرت به شخصيا ، ورأيته في عيون ضيوفها، وسمعته من ألسن الكثير ممن زارها أيضا، وربما لذلك صار من الواجب علينا أن نحاول أن نكتشف بعدا آخر يضاف إلى الجبال المتدرجة الشاهقة، والوديان المتعرجة السحيقة، والصحراء الرملية البهيجة، والبحر الشاسع الهادىء، والواحات الخضراء التي تفيض بطيب الثمار، والسهول والينابيع وكل التضاريس المتنوعة الغنية إضافة بالطبع إلى الجانب الحداثي بالعمارات الكثيرة والأسواق الجديدة والملاعب وكل ملامح العصر المتجدد..!
ربما علينا إذن أن نسعى للاستثمار في هذا الجانب الذي ينعش الروح، ويمنحها الحالة العالية من الإشراق والسلام، بالتأكيد على ذلك التفاعل الخلاق لضيوف الإمارة مع المكان، وخصوصا من المبدعين والفنانين الذين يزورونها ويشاركون في الحالة الثقافية والإعلامية من خلال الملتقيات والمهرجانات وغيرها.

أعتقد بضرورة التأكيد على إيجاد نوع من الملتقيات التي يتفاعل فيها الفنانون والأدباء مع المكان عبر الخروج في النهاية بلوحة تشكيلية من وحيه، أو مقطوعة موسيقية أو نص سردي، أو قصيدة شعرية، ويتم ذلك عبر الإقامة لعدة أيام والتجول في كل المناطق الأثرية وذات التنوع الجغرافي في الإمارة، مثل مخيم إبداعي مفتوح، وبالتالي ستكون النتيجة المشاركة بالشعور نفسه أي الإنغماس حتى الثمالة بالسلام الخارجي والداخلي على هذه الأرض.

وربما يأتي من أولئك المبدعين من لديه شفافية كبيرة واحساس عال بالمكان وطاقته الإيجابية ليعيد توصيفه لنا باللحن او الكلمات أو الرسم وهذا ما يساهم بشكل غير مباشر بالترويج له، كوجهة سياحية لها خصوصيتها، وتكتنف زواياها كل عناصر الطاقة المشعة بالمحبة والسكينة.
سننتظر إذن وربما لن يطول الإنتظار لمن يعلق الجرس، فالطاقة المتدفقة في هذا المكان ستجتذب من يسبر أغوارها و يعلي من شأنها ويشير إليها بقوه، وإن غدا لناظره قريب…..هذا الغد المشرق بالعطاء والتميز والفرادة لإمارة صغيرة في حجمها الجغرافي لكنها بالطبع تنفتح على الكون كله بما فيها من الجمال والسلام …!!