سامي الريامي

عندما نعرف أن هناك مناطق وقرى في مصر تضطر فيها المرأة المشرفة على الولادة إلى أن تقطع 200 كيلومتر لوضع مولودها، عندها سنعرف ماذا يعني بناء وتشييد 78 عيادة ووحدة طبية متخصصة في طب الأسرة والرعاية الصحية في تلك القرى والمناطق، وكيف يمكن أن تغير حياة البسطاء للأفضل!

لا وصف لفرحة البسطاء من المصريين في القرى الفقيرة والبعيدة بالمساكن والمدارس التي يتم تشييدها حالياً، فهم لم يكونوا يوماً مستهدفين من المشروعات التنموية والاستثمارية إلى أن جاءت الإمارات بآليتها الجديدة في طريقة تقديم الدعم والمنح، وجعلتهم يشعرون بالفرق.

مسافة طويلة نقلتنا من القاهرة إلى قرية صغيرة في محافظة القليوبية، ومع هذا الانتقال يزداد الوضع الاقتصادي صعوبة، ويزداد الفقراء فقراً، في تلك القرية الصغيرة شيدت مدرسة ثانوية تخدم أهالي «برسوم» و12 قرية بالقرب منها، كانت تعاني ويعاني أبناؤها عدم وجود مدرسة، وفي قرية أخرى شيدت عيادة طبية ستخدم ما لا يقل عن 15 ألف عائلة، لذلك كانت الفرحة عامة، والأصوات جميعها تهتف: «عاشت الإمارات».

في مصر ارتفعت نسبة الفقر إلى 26.3%، وهو يزيد ليصل إلى 50% في الأرياف ومحافظات الوجه القبلي، وتزيد المصيبة سوءاً في أشد 1000 قرية فقراً، حيث تصل نسبة الفقراء إلى ما يزيد على 95%، كيف لا، والبلد تواجه تحديات اقتصادية ضخمة للغاية، حيث يعاني الاقتصاد من تباطؤ شديد، وصل معه النمو الاقتصادي إلى 2%، ووصل عدد العاطلين عن العمل إلى أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، وأكثر الأمور سوءاً هو العجز الشديد في الموازنة العامة.

ووفقاً لهذه المعطيات، انتهجت الإمارات آلية عمل جديدة مختلفة تماماً عن جميع الدول المانحة، فالإمارات وضعت هدفاً واضحاً لمساندة ودعم الشعب المصري بشكل مباشر، واستهدفت الفقراء والبسطاء في أكثر القرى فقراً وحاجة، لتقدم لهم الخدمات التي تغير من حياتهم نحو الأفضل، فكان أن طلبت من الحكومة المصرية أولويات وحاجات هؤلاء الناس من مشروعات التنمية، وعملت بشكل مباشر على تنفيذها من خلال لجنة مقيمة في القاهرة من أبناء الإمارات، يتابعون تنفيذ المشروعات، وتسليمها، ويقومون بحل أي مشكلة وإزالة أية عراقيل قد تظهر، ما أدى إلى سرعة شديدة في العمل لم يتوقعها المصريون، فالمشروعات التي كانت تنتهي في ثلاث سنوات بالبيروقراطية القديمة، لم تعد تستغرق أكثر من ستة أشهر حالياً بالآلية الجديدة دون مبالغة، وبشهادة وزراء مصريين!

مشروعات الإمارات لامست الفقراء بشكل مباشر، فعملت على إنارة 70 قرية و159 قرية تابعة بالطاقة الشمسية الدائمة، وذلك بتنفيذ من شركة مصدر، وبكلفة 140 مليون دولار، وتعمل على إنشاء شبكات صرف صحي في 151 قرية، بكلفة 275 مليون دولار، وطورت خطي إنتاج أمصال اللقاحات بشكل يصل إلى الاكتفاء الذاتي بنسبة 80%، وإنتاج الأنسولين بنسبة 100%.

وفي القاهرة تسعى الإمارات لحل مشكلة النقل التي تقلق معظم السكان، ففي حين أن المدينة لم تشهد إضافة أي حافلة نقل مواصلات عامة منذ عام 2008، ستدخل الخدمة قريباً 600 حافلة جديدة، تمثل عملياً نصف عدد أسطول النقل الحالي في القاهرة الكبرى، وتعمل بالغاز الطبيعي لتقليل التلوث، وفي ذلك انفراج كبير في مشكلة معقدة أرهقت ملايين المصريين.

ولم تنس الإمارات الشباب العاطل عن العمل، فأطلقت مشروع التدريب من أجل التشغيل، ويتم من خلاله تدريب 100 ألف شاب وتأهيلهم للعمل وتشغيلهم بكلفة تصل إلى 35 مليون دولار، ما يسهم في حل مشكلة اجتماعية صعبة ومعقدة.

فكر متطور ومختلف عن كل ما سبق، هذا ما سمعناه من مسؤولين مصريين، أشادوا بهذه السياسة التي لا تمنح المساعدات المؤقتة، بل تسهم في تنمية وتطوير الفرد والمجتمع، تنمية مستدامة للأجيال المقبلة، وترحيب وشكر من فقراء مصر، فالإمارات زرعت في قلوبهم فرحة قلما يشعرون بها.

– الامارات اليوم