علي أبو الريش
نسيل الحبر لنلون الحياة بالجمال ونغسل قلوبنا بالسعادة، ونعانق المشهد الإنساني، ببوح لا يجرح ولا يكبح، بل يطرح أسئلته المشروعة، من أجل إنسانية ملحها الحب، وقنديلها كلمة، كشجرة طيبة جذرها في الأرض وفرعها في السماء.
نسيل الحبر، لتمضي سفن السفر نحو محيطات موجاتها توشوش في أذن الطير، ليحدق في الأفق، ويحلق على ظهر غيمة ممطرة، ثم يرسل النشيد عالياً، لأجل حياة فيها البوح، سيمفونية عازفها إنسان عاشق متناسق، باسق، طارق أبواب الأسئلة من دون ارتياب أو اقتضاب لأجل أسباب الاستتباب، واستقطاب مشاعر البهجة لكي يصبح للهديل معنى، وللتغريد مغزى، لكي يصبح للحياة حكاية تخلو من وشاية أو غواية، وإنما هي العناية بما يزهر قلب الإنسان، ويسعد الشجر، ويمنح السماء لونها الأزرق غشاوة.
نسيل الحبر، ونسكب على الورق ما قاله البحر لليابسة، ساعة صفاء، وما استجد من أمر العصافير التي ما زالت تخلع أجنحتها مصفقة على الأغصان، بأيدٍ من فرح، وتقول للعاشقين في هذه الصحراء، وعند الرمل الأصفر، تتفرع شجرة أوراقها من رموش المحبين، وأغصانها مبللة من عرق ودم.
نسيل الحبر، لأن الحب يحتاج إلى مياه عذبة تسقي عروقه، مبعثها مشاعر الناس، ورسالتها أن الحياة من دون حب، مثل السفينة على اليابسة، مثل الطير بلا أجنحة، مثل المرأة بلا عاطفة، مثل الرجل عندما يعتقد أنه الكوكب والنساء نيازك محترقة.
نسيل الحبر، وعند سواحل القلب ترسي سفن بعضها تحمل أوزار ماض، ربما لم يكن بكامل قواه العقلية، وبعضها تفرد أشرعة مداها الأفق، وبياضها مثل قلب رضيع لا يملك غير الدفء، حين تكون العينان مرآة تعكس مدى شغفه بالحياة.. نسيل الحبر، ونستمر في تمزيق كوابيس الليلة الفائتة وما قبلها، لنبدأ نهاراً جديداً، سراجه هذا الواقع.
هذا الوطن المزخرف بنمنمات زاهية، وكل ما جاء به العقل، الذي فكر وتدبر، فأخبر الناس جميعاً أن في هذه البقعة من العالم، يقطن وطن اسمه الإمارات، قلوب أهله من نخله ونهله ومن سهل وحقل، والأرض فيه سجادة، منقوشة من مخمل الذين يبذلون ويتفانون ويملأون قدح الحياة، بقهوة الصدور الرحيبة.
نسيل الحبر، لأنه ملح الحياة، لأنه الماء الذي يسقي جذوع القلب، ويلون أعشابه بالاخضرار.
نسيل الحبر، لأن الحياة من دون حبر مثل أحفورة طمست معالمها.
– الاتحاد