حين دخل هاتف نوكيا 3310 أسواق الإمارات للمرة الأولى، كانت الحياة اليومية من دون شك، أكثر بساطة، فلم تكن هناك «متاجر التطبيقات»، وكانت لعبة «الثعبان» الشهيرة توفر التسلية، بعيداً عن حمى تصفح الفيسبوك وتويتر و«سناب تشات».

حتى أن بعض تلك الهواتف ارتبط عاطفياً في أسواق المنطقة بأسماء مشهورة مثل نوكيا 6100، «برج العرب»، و6610 «برج الفيصلية»، ونوكيا 8810 «الشبح»، ونوكيا 7650 «الحوت».

وقد سجلت مبيعات ذلك الهاتف عالمياً أكثر من 125 مليون وحدة منذ إطلاقه وحتى 2005. كان الهاتف متيناً، ويتميز بوقت تشغيل طويل، وعصياً على الاختراق.

واليوم يقول خبراء ومستهلكون أن «نوستالجيا» أو حنين الهواتف القديمة بدأ مؤخراً في الانتشار بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن تنوعت الدوافع وراء سعي العديد من المستهلكين لاقتنائها.

وذلك من خلال تجار هواتف تجزئة أو جملة يرغبون في الاستفادة من نمو الطلب على تلك الهواتف من جهة، وانتشار مواقع التواصل بقوة في الدولة من جهة أخرى، ضمن سوق الهواتف الديناميكي في الدولة، والذي تتراوح مبيعاته من 400 إلى 500 ألف جهاز شهرياً.

وتمكنت البيان من رصد أكثر من 15 موقعاً على صفحات التواصل الاجتماعي يقوم أصحابها بترويج وبيع الهواتف القديمة، التي تراوح سعرها من 75 إلى 350 درهماً فقط، ويجنون بالمقابل أرباحاً لا بأس بها.

وقال فهد البناي، الرئيس التنفيذي لشركة اكسيوم تيليكوم إن حصة سوق الهواتف القديمة ما تزال صغيرة في حين أن سوق الهواتف المستعملة بشكل عام يشهد إقبالاً قوياً وتشكل مبيعاته حصة جيدة من إجمالي مبيعات الهواتف في السوق المحلية التي تتراوح شهرياً من 400 إلى 500 ألف هاتف.

وأضاف: «توقعاتنا لأداء سوق الهواتف النقالة بشكل عام في الدولة هي إيجابية جداً هذا العام والعام المقبل، خصوصاً وأن الإمارات هي المركز الأول لمبيعات وإطلاق الهواتف في المنطقة، كما يشكل سوق إعادة تصدير الهواتف حصة قوية كذلك».

ولفت البناي إلى أن العديد من سكان الدولة يرغبون في شراء الهواتف القديمة الخالية من المواصفات «الذكية» والتي تعتبر مثالية للخادمات أو السائقين على سبيل المثال، علاوة على رخص ثمن تلك الأجهزة وسهولة صيانتها وعمرها المديد.

من جانبه قال خبير الاتصالات أجاي باتاك، إن سوق الهواتف القديمة في الإمارات ما يزال صغير نسبياً، وتتراوح مبيعاته ما بين 1 إلى 1.2 مليون دولار شهرياً، (4.4 ملايين درهم) ما يشكل حوالي 4% فقط، أو من إجمالي مبيعات الهواتف في السوق الإماراتية التي يصل حجمه شهرياً إلى حوالي 110 ملايين دولار (400 مليون درهم).

وأضاف: «هناك نمو في عدد الراغبين في استخدام الهواتف القديمة، حتى في أوساط كبار المديرين والتنفيذيين، الذين يستخدمونها كهواتف إضافية للعمل نظراً لحساسية اتصالاتهم، حيث يعتقدون أن تلك الهواتف القديمة أقل عرضة للاختراق والهجمات الإلكترونية، لأنها غير مرتبطة بالشبكة العنكبوتية، أو لا يمكن للتطبيقات الذكية أن تجد لها سبيلاً».

وقال صابر علي الذي يعمل سائق في إحدى الشركات في دبي إنه يهوى اقتناء الهواتف القديمة وإنه بصدد استكمال مجموعته الخاصة من هواتف نوكيا N، ينقصه في ذلك هاتف نوكيا N96، الذي يأمل أن يحصل عليه قريباً من أحد المواقع على الإنترنت.

ويذكر علي أنه طالما قام هو بتصليح هاتفه بنفسه من دون الحاجة للذهاب إلى مركز صيانة متخصص، حيث قام مرات عدة بتغيير شاشة الهاتف بنفسه، حتى أنه قام ذات مرة بتغيير لوحة المفاتيح في هاتف أخيه بنفسه، من دون أن يكون متخصصاً في ذلك.

علاوة على توفر ورخص قطع غيار الأجهزة، بدلاً من الذهاب إلى مخزن التخصص، هل يمكن بسهولة التقاط لوحة البلاستيكية التي قد كسر، زميله أو تصدع، والمفاجئة لوحة جديدة إلى مكانها. لا معرفة خاصة أو رخيصة، أسود سوق قطع الهاتف المطلوبة.

وأما زاهد إقبال الذي يهوى هواتف «كلام شيل» القابلة للانطواء، فقال إنه يسعى لجمع الهواتف القديمة على أمل أن يزيد سعر تلك الهواتف في المستقبل، وأضاف: «أعتقد أن سعر الهواتف القديمة سيزيد في المستقبل بنسب كبيرة جداً، وذلك لأنني أعتقد أن الناس سينظرون إلى تلك الهواتف على أنها «كلاسيكية»، حيث إن الهاتف هو شيء شخصي.

ومن المؤكد أن الحصول على هذا الهاتف القديم أو ذاك يعيد للذاكرة العديد من ذكريات الماضي الجميل بالنسبة للمستهلكين، ومع الاختلاف والتطور الكبير لهواتف اليوم، فأعتقد أن الكثيرين سيرغبون في اقتناء الهواتف القديمة من جديد. وأضاف: في الماضي، كانت الأمور مختلفة. عالم الهواتف كان يعتمد على أساليب تواصل غير متطورة، كان كل شيء بسيط و محدود، ولعل من كان حاضراً يذكر كم كانت مسلية لعبة الثعبان.

كما أن كان هناك سبباً وجيهاً جداً لذلك، كانت جميع الشاشات التي تعمل باللمس سيئة أو رديئة وليست كالتي هي متواجدة الآن و التي تتميز بالسرعة و المتعة. وفي يومنا هذا فإذا سقط هاتفك فعلى الأغلب سيتعرض لأعطال مختلفة، أما في السابق فكانت هواتف نوكيا متينة ولا تحتاج لصيانة.

من جانبه قال نيدرن كاني، طالب، إنه حاول الحد من إدمانه على تصفح الإنترنت من خلال التخلص من هاتفه الذكي وشراء هاتف نوكيا 3310 من أحد التجار على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضاف: «أصبحت التكنولوجيا الحديثة بإيقاعها السريع تسيطر على كل كبيرة وصغيرة حتى في العلاقات العاطفية، وأعتقد أن الرغبة في اقتناء كل ما هو قديم، من أثاث أو تحف، وحتى الهواتف القديمة، تعكس وجود حنين طبيعي للماضي لدى الإنسان، خصوصاً لارتباط تلك المقتنيات بمناسبات وذكريات جميلة وهذا له أثر فعّال في مساعدة الإنسان بصفة عامة، على مقاومة الشعور بالوحدة وعلاج بعض حالات القلق أو الحزن. وأعتقد أن التجار وجدوا في ذلك سوقاً لبيع الهواتف القديمة.

البيان