د. موزة أحمد راشد العبار

لقد استيقظ الشعب المصري الشقيق، صباح الأحد الماضي، على هجوم إرهابي خسيس ومروع استهدف الكنيسة البطرسية بالعباسية في القاهرة، وأسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا الأبرياء معظمهم من الأطفال والنساء كانوا يؤدون صلواتهم وبكل طمأنينة في دور للعبادة، ومن هول الانفجار وشدته تطايرت أشلاؤهم ودماؤهم واختلطت بأخشاب الكنيسة بشكل مرعب ومذهل يتنافى بكل المقاييس والاعتبارات مع القيم والمفاهيم الإنسانية المتعارف عليها!

لقد دفعت مصر على مدار ما يقرب من 87 عاماً، فاتورة باهظة الثمن من دماء أبناء وطنها، نتيجة إرهاب جماعة الإخوان الإرهابية والجماعات التكفيرية المتحالفة معها، والتي نفذت عمليات إرهابية متتالية كبرى ونوعية في أماكن ومناطق عدة في أنحاء الجمهورية.

يؤكد المؤرخون لتاريخ الإرهاب في مصر، أن البداية الحقيقية للتاريخ الإرهابي لجماعة الإخوان، كانت منذ يوم 6 يوليو (تموز) من عام 1942، عندما وقع الصدام في مدينة بورسعيد بين أعضاء الجماعة ومعارضين لأفكار مؤسسها حسن البنا، أسفر عن مقتل أشخاص عدة وإصابة آخرين، بعد أن استخدم أعضاء الجماعة القنابل والعديد من الأسلحة.

إن ما تواجهه مصر الآن من إرهاب، هو الإرهاب الجماعي الذي تمارسه جماعات منظمة، تمولها وتشرف عليها مؤسسات أو هيئات أو دول معلنة أو غير معلنة، سعياً لتحقيق أهداف سياسية أو فئوية أو مذهبية أو طائفية مثل الأعمال الإرهابية التي قامت وتقوم بها، إيران وداعش وجماعة الإخوان والجماعات المتطرفة المسلحة الأخرى، على امتداد الوطن العربي.

وأبرز أشكال الإرهاب الذي تمارسه هذه الجماعات هو الإرهاب الفكري، الضغط النفسي، العنف الجسدي، التهجير، التخريب، التفجير، التصفية الجسدية أو المذهبية والعرقية.

إن المتتبع لواقع مجريات الأحداث في منطقتنا العربية مما لا شك فيه يدرك جيداً التحركات الإيرانية الآخذة في الامتداد والتوسع بعد أن بسطت نفوذها في أربع دول عربية وباعتراف منها وهي سوريا العراق لبنان اليمن.

إيران الآن تسعى جاهدة لزعزعة أمن مصر وإرهابها وذلك سعياً منها لتمهيد الطريق نحو محاصرة الخليج العربي لتعزيز تواجدها في اليمن لنشر بذور الفتنة الطائفية فيه، ولتحقيق حلم يراودها ألا وهو السيطرة على باب المندب لتهديد وإرهاب أمن مصر ودول الخليج العربي.

هذا الأمر الذي بدا جلياً، في بدايته، عندما تآمرت إيران على مصر إبان أحداث «يناير 2011» مع حماس وحزب الله اللبناني الإرهابي، وبعض الجماعات السورية في اجتماع خفي وموسع كان لهم في دمشق قبل (ثورة يناير) وبإشراف مخابرات الأسد الإرهابية.

الاجتماع الذي تم التوافق عليه في دمشق، لاقتحام السجون المصرية وإخراج المسجونين في قضايا إرهابية وعلى رأسهم قيادات الإخوان، وهو الشيء الذي ذكرته وأكدت عليه المحكمة في حيثيات جلسات تداولها للقضية المعروفة إعلامياً بـ (الهروب الكبير من سجن وادي النطرون) والمتداولة حيثياتها كاملة، على شبكات التواصل الاجتماعي.

والتي أيضاً شرحها جملة وتفصيلاً الإعلامي المصري الدكتور خالد علي في برنامجه الشهير «الصندوق الأسود» على قناة القاهرة والناس، والتي أدانت فيها المحكمة، الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني الإرهابي بتورطه في التآمر على مصر واقتحام السجون وقتل العديد من رجال الشرطة المصرية من أجل إخراج قادة جماعة الإخوان المحكوم عليهم في قضايا إرهابية.

إن هذا الحدث الإرهابي الكبير على سيادة مصر والمتورط فيه الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله الإرهابي اللبناني، من أجل إخراج قيادات الإخوان من السجون المصرية، لأكبر دليل على أن إيران والإخوان “وجهان لعملة واحدة”، والهدف واحد نحو مشروع موحد فيما بينهما، ضد مصر ودول المنطقة.

وقد أدان سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف الكنيسة البطرسية بالعباسية في القاهرة، والذي أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا الأبرياء، مؤكداً سموه وقوف دولة الإمارات قيادة وحكومة وشعباً مع جمهورية مصر العربية الشقيقة في مواجهة الإرهاب بكل صوره وأشكاله.

وأن دولة الإمارات إذ تعرب عن استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية ورفضها المبدئي والدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب تؤكد دعمها للقيادة المصرية في كل ما تتخذه من خطوات وإجراءات حازمة للقضاء على الإرهاب واستئصاله والحفاظ على أمن مصر واستقرارها.

إن الشعب المصري الشقيق الذي خرج إلى الشوارع والميادين في “30 يونيو”، رافضاً حكم الإخوان، في أكبر الحشود البشرية التي تخرج لتنادي بالتغيير، رافضاً سلوك جماعة الإخوان ولجوءها إلى العنف والإرهاب، وسعيها للانفراد بالحكم لفصيل معين، قادر أيضاً على أن ينتصر ويهزم الإرهاب.

البيان