محمد الحمادي
القراءة السريعة للتفجيرات الإرهابية التي ضربت مصر وتركيا مؤخراً، كما ضربت عدن في اليمن والصومال وغيرها من المناطق العربية والإقليمية والدولية تؤكد أن القضاء التام على الإرهاب أمر بعيد المنال وأن الإرهاب قد يلجأ إلى الكمون قليلاً والسكون أحيانا، لكنه سرعان ما يعود أكثر بشاعة ودموية، وهذا الكمون أو السكون الإرهابي إجراء تكتيكي من الجماعات الإرهابية، فبعد الاستنفار الأمني يعود الاسترخاء لأجهزة الأمن وتخف قبضتها على الأمور.. فيعاود الإرهاب ضرباته بأساليب جديدة ومفاجئة..
وعلى الجميع أن يعترفوا بأن الإرهاب أصبح أسرع من القوانين والإجراءات الجنائية في كثير من دول المنطقة، وأن العدالة في هذه الدول بطيئة للغاية، وأن القصاص من القتلة يتأخر كثيراً، وهذا ما أقر به الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وهو يشارك في تشييع ضحايا الهجوم الإرهابي على الكنيسة البطرسية بالقاهرة، ومشكلة الدول التي يضربها الإرهاب أنها تتعامل مع الآفة الخطيرة بالقطعة، بمعنى أن سياستها في التعامل مع الظاهرة قائمة على رد الفعل، لا على الفعل أو العمل الاستباقي، فالإرهاب يضرب والقوى الأمنية ترد، أو تلاحق، أو تطارد، وغالباً ما يكون رد الفعل عشوائياً في تلك الدول ومرتبكاً نظراً لأن الضربة تكون مفاجئة ورد الفعل يغلب عليه الغضب أكثر مما يحكمه التعقل.
النقطة الأخرى الأهم هي أن الحرب لم تعد حرب جيوش نظامية تبدأ وتنتهي، ويعرف الناس أولها وآخرها، بل المعضلة هي أن الجيوش والقوى الأمنية النظامية أصبحت تحارب أشباحاً وعصابات ومليشيات لا يعرف أحد عمقها، أو حجم تمددها والقوى الداعمة لها وأجهزة الاستخبارات التي تحرّكها وتجنّد عناصرها.
العالم في مرحلة من الحرب على الإرهاب تتطلب تعبئة الشعوب التي يضربها الإرهاب لحالة حرب حقيقية ضرورية للغاية، بحيث يكون الجميع جنوداً في هذه الحرب، وعلى الرغم من ضرورة ذلك، فإن الحال في الدول التي يضربها الإرهاب لا توحي بذلك أبداً، فالأداء الإعلامي مترهل وبلا موضوعية، والخطاب الديني ما زال يراوح مكانه، بلا تطوير، أو إصلاح، وكل الأمور قائمة على رد الفعل وما زال الإرهاب يكسب أرضاً كل يوم، بل إننا نجد محاولات بلهاء من جانب بعض وسائل الإعلام وأساطين التحليل السياسي لتبريره، مثل القول إن الفقر والبطالة والفساد الإداري والمالي أهم أسباب الإرهاب، وهذا كلام يبرر الإرهاب، ولا يحلل الظاهرة.
الإرهاب ليس له مبرر، فهو مرض وخلل نفسي وسرطان ينبغي استئصاله وضربه بقوة، الأمر لم يعد يتحمّل التعامل مع الإرهاب بالقطعة، أو بالتقسيط المريح، أو بالتأجيل كما لم يعد يتحمّل هذه الانتقائية والازدواجية في التعامل مع الإرهاب واعتبار جماعة هناك إرهابية، وأخرى في مكان ما مقاومة، أو معارضة، علينا أن نعي في هذا العالم أن أسماء الجماعات والتنظيمات والحركات والمليشيات تتعدد، لكن الإرهاب واحد.
الاتحاد