عزز ارتفاع سعر صرف الدرهم مقابل العملات الأخرى غير المرتبطة بالدولار، شهية العاملين في الدولة لزيادة تحويلاتهم المالية إلى بلدانهم الأم، بنسبة تصل 5% خلال الربع الأول من 2019، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2018، حيث ارتفع سعر الصرف بنسب تتراوح بين 6 % إلى 13% مقابل عدة عملات رئيسة خلال فترة المقارنة، بحسب شركات صيرفة رئيسة عاملة في الدولة
وبيانات رسمية صادرة عن المصرف المركزي.
وتظهر بيانات المصرف المركزي أن نسبة نمو التحويلات المالية الخاصة التي تم تنفيذها عبر شركات الصيرفة والبنوك من الدولة للخارج بلغت نحو 169 مليار درهم في عام 2018، بنمو نسبته 2.9% مقارنة مع قيمتها البالغة نحو 164 مليار درهم في عام 2017.

نمو طبيعي
وقال محمد الأنصاري، الرئيس التنفيذي لشركة الأنصاري للصرافة، ورئيس مجموعة الصيرفة والتحويل المالي في دولة الإمارات لـ«الاتحاد» أمس، إن ارتفاع سعر صرف الدرهم مقابل اليورو والجنيه الاسترليني، والروبية الهندية والباكستانية والجنيه المصري، شجع العاملين في الدولة على زيادة تحويلاتهم المالية لذويهم خلال الربع الأول من 2019، مقدراً نسبة النمو في قيمة التحويلات المالية الخاصة للأفراد والشركات عبر شركات الصرافة العاملة في الدولة بنحو 5%، مقارنة مع الربع الأول من 2018.
وأضاف أن نسبة النمو أيضاً جاءت بدعم عدة عوامل أخرى، أهمها نسبة النمو الطبيعية للاقتصاد الوطني من جهة، وحلول موسم الأعياد وإجازات شجعت على الصيرفة وتبديل العملات، وكذلك على التحويلات خلال الأسابيع القليلة الماضية.

مركز إقليمي
ووفقاً للبيانات الإحصائية الرسمية، فإن عدد العاملين في الدولة يصل نحو 5.25 مليون موظف وعامل في مختلف القطاعات بنهاية 2018، منهم نحو 85% من العمالة الوافدة، تقدر قيمة تحويلاتهم لذويهم وعائلاتهم في بلدانهم الأم بأكثر من 10 مليارات درهم شهرياً بالمعدل الوسطي للتحويل.
كما أن دولة الإمارات تعتبر مركزاً إقليمياً جاذباً للسياحة والمعارض والمؤتمرات، ما يرفع الطلب على خدمات صرف العملات بين الدرهم والعملات الأخرى، التي تقدمها بشكل أساسي شركات الصرافة في الدولة.
وقال الأنصاري، إن خدمات الصرافة تتركز أساساً في الطلب على تبديل (شراء أو بيع) الدولار الأميركي، يليه العملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، ثم الجنيه الإسترليني من العملات العالمية، أما العملات الإقليمية فإن الروبية الهندية تتصدر حركة الصرف والتحويلات وكذلك الروبية الباكستانية والجنيه المصري. ولفت الأنصاري إلى أن الأيام الأخيرة بدأت تشهد زيادة ملحوظة بالطلب على الريال السعودي بسبب موسم العمرة مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك.
من جهته قال عمر العساف، مدير عام الخزينة في شركة الفردان للصرافة لـ«الاتحاد»، إن الربع الأول من 2019 سجل زيادة ملحوظة تقريباً في حجم الأعمال التي تقدمها شركات الصيرفة، سواء في أعمال التحويلات المالية، أو تبديل وصرافة العملات، مقدراً نسبة النمو بأنها يمكن أن تصل إلى 5% مقارنة مع الربع الأول من 2018.

الروبية في الصدارة
وأوضح العساف أنه بناء على البيانات المتوافرة لديه من واقع عمل شركة الفردان للصرافة، فإن التحويلات بالروبية الهندية تستحوذ على ما يقارب 40% من إجمالي التحويلات الخاصة للعمالة الوافدة، تليها التحويلات بالروبية الباكستانية بنحو 15% ثم التحويلات بالجنيه المصري بنفس النسبة تقريباً، تليها التحويلات للفلبين بحصة تقارب 10%. وقال: شهدنا ارتفاعاً في معدل التحويلات خلال الربع الأول إلى بعض الأسواق منها باكستان وسريلانكا ونيبال. وفي ما يتعلق بسوق الصرف أوضح أن الدولار الأميركي يستحوذ على نحو 65% من إجمالي عمليات تبديل وصرف العملات مقابل الدرهم والعملات الأخرى، يليه اليورو بحصة تصل 15%
ونحو 20% لبقية العملات الأخرى.
وجاء ارتفاع سعر صرف الدرهم مقابل العملات الأجنبية تبعاً لارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي بسبب الربط بين العملتين، والذي يعتبر نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة على الدولار الأميركي التي زادت بأكثر من 120 نقطة أساس منذ نهاية عام 2017 وحتى الآن.
ويعتبر ارتفاع سعر صرف الدرهم عاملاً مهماً لدعم العوامل التي تكبح جماح التضخم، كما يعزز القوة الشرائية للدرهم، ما ينعكس إيجاباً على تحسن مستوى الحياة والرفاهية لسكان الدولة، ولكن ذلك يؤدي أيضاً، إلى زيادة التحويلات المالية للمقيمين، وهو محفز للعمالة الأجنبية لإرسال الأموال إلى بلدانها الأصلية، حيث يؤدي ارتفاع سعر صرف الدرهم إلى زيادة في قيمة التحويلات المالية لتلك البلدان، وفي الوقت نفسه، يزيد جاذبية السوق المحلي للشركات المستوردة للسلع والخدمات، ويحفز المواطنين والمقيمين في الدولة على زيادة السفر والسياحة في أسواق البلدان التي انخفضت أسعار عملاتها مقابل الدرهم.

الاتحاد