الفجيرة اليوم – في إطار الفعاليّات الّتي تُنظّمها حلقة الفجيرة الفلسفيّة، وبالتّعاون مع مؤسّسة سلطان بن علي العويس الثّقافيّة، عُقِدَت في 27 فبراير الجاري، بمقرّ بيت الفلسفة فعاليّة وُسِمَت بعنوان: الترجمة الفلسفيّة – الحوار مع الآخر.
افتتح عريف الحفل مانع الحضرميّ الفعاليّة مُرحّبًا بالضيوف، وقدَّم قراءة موجزة بيّن فيها أهميّة الترجمة الفلسفيّة، والدور الّذي لعبته في تعرّف العرب إلى الفلسفة اليونانيّة.
وافتتح عميد بيت الفلسفة الدكتور أحمد برقاوي الجلسة الأولى، متحدّثاً عن الترجمة بوصفها انتقالًا من الوعي الذّاتي إلى الوعي بالآخر، بحيث بيّن أنّ الترجمة تتيح لنا أن نخرج من قوقعتنا الذاتيّة وأن نتعرّف إلى الآخر من خلال التعرّف إلى أفكاره ومفاهيمه، ومن ثمّ العودة إلى الوعي الذّاتيّ لمناقشة الأفكار المترجمة واتّخاذ موقف نقديّ منها.
وتناول الدكتور عبد السلام بنعبد، تجربته الترجمانيّة من خلال كتابيه في الترجمة وانتعاشة اللّغة، وبيّن الدكتور عبد السلام أنّ الترجمة ليست نقلًا من لغة إلى أخرى فحسب، بل هي عمل إبداعيّ كبير، فالمترجم لا يقلّ إبداعًا عن المؤلِّف، بل يتفوّق عليه أحيانًا، إذ تُوكل إليه مهمّة إبداعيّة جليلة تتمثّل في اشتقاق المصطلحات وتطويع اللّغة، إلخ.
أمّا الجلسة الثّانية فافتتحها الدكتور أنور مغيث متحدّثًا عن تجربته الخاصّة في ترجمة كتاب علم الكتابة لجاك دريدا عن الفرنسيّة، وعن الصعوبات التي واجهته بدءًا من العنوان واستخدام دريدا مصطلح غراماتولوجيّ غير الشائعة فرنسيًّا والمستهجنة عربيًّا، فضلًا عن استخدام دريدا مصطلحات تحمل دلالات متعدّدة يهدف من خلالها إلى إرباك قارئه، في حين أنّ المترجم يروم أن ينقل هذه المصطلحات بدقّة من دون أن يُرهق قارئه.
وقدم الجلسة الختامية الدكتور سعيد توفيق وحملت العنوان الآتي: إشكاليّة الدقّة والدلالة الجماليّة في ترجمة النصّ، شوبنهاور نموذجًا، بيّن الدكتور سعيد إشكاليّة العلاقة بين الأمانة والدقّة في الترجمة، وضرورة المحافظة على الدلالة الجماليّة سواء لجهة اللّغة المنقول منها أو لجهة المنقول إليها، مستشهدًا بتجربته الشخصيّة مع شوبنهاور الّذي يُعَدّ فيلسوفًا متميّزًا بدقّة المصطلحات الّتي يستخدمها وجماليّة الأسلوب الّذي يكتب، وكيف سعى إلى الحفاظ على دقّة اصطلاحاته وعلى جماليّة أسلوبه لكن بالعربيّة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الجلسات النقاشيّة التي أعقبت كلّ جلسة كانت جلسات غنيّة وتفاعليّة.
ختامًا أكّد الجميع ضرورة الإعداد لندوات أخرى مماثلة بالنّظر إلى الأهميّة الّتي تنطوي عليها.
بعد انتهاء الفعالية جال الضيوف على أقسام بيت الفلسفة مُبدين إعجابهم بهذا الصّرح الجميل وبالنشاطات والفعاليات التي يُنظّمها باستمرار.