الفجيرة اليوم – تناولت جلسة الحوار الافتتاحية، في ملتقى الفجيرة الإعلامي 2024 – الإعلام الموازي.. محطات ورؤى”، واقع الإعلام المؤسسي في العالم العربي، وشارك فيها سعادة محمد جلال الريسي، مدير وكالة أنباء الإمارات، وسعيد العطر، رئيس المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات، وخالد البلشي نقيب الصحفيين المصريين.

وأدار الجلسة الإعلامي الإماراتي فيصل بن حريز.

تحدّث سعادة محمد جلال الريسي، رئيس تحرير وكالة الأنباء الإماراتية، عن خريطة التنافس التي أصبحت اليوم أشدّ، وما خلّفته من تحديات جديدة قائلاً:
تُشير إحدى الدراسات إلى أن كل شخص يستقبل من 6000 إلى 10000 رسالة يومياً، وهذا يعني أنّ المنافسة أصبحت أمام ما يُقارب 6000 وسيلة أخرى، مما يتطلب السرعة القصوى في وصول المعلومة ونشرها، فهناك مصطلح يُسمى Economic Attention، والذي يعني أنّه إن استحوذت على انتباه الأشخاص، حقّقت قيمة اقتصادية، والتّحدي هنا أن انتباه الأشخاص قد قلّ خلال الخمسة عشر سنة الماضية، فانتباه الشخص البالغ يصل لمدة لا تتجاوز ثماني ثوان، في حين الشخص الأقل عمراً تبلغ مدّة انتباهه أربع ثواني.

وأضاف الريسي:
دخل الذكاء الصناعي لعالم الإعلام، ولا يمكن أن يعوض عن مخيلة الإنسان، كما يُنتج أخطاءً،لكن لا بأس من الاستفادة منه في القيام بالأعمال الروتينية، بما يوفّر الوقت أمام الصحفي، وبالتالي يتيح له مجال أكبر للإبداع.

وأشار الريسي، إلى تحديات أخرى تواجه الإعلام، مثل التضليل الإعلامي Misinformation، إذ ورد في تقرير المخاطر العالمية السنوي الصادر في يناير 2024، أن الخطر الذي يواجه العالم، واحتل المرتبة الثانية، هو التضليل الإعلامي ونشر الشائعات، فعلى سبيل المثال، خلال جائحة الكورونا انتشرت فيديوهات حصدت مشاهدات عالية جدا، مضمونها يحتوي على شائعات حول نظرية المؤامرة لتقليل عدد البشرية عن طريق اللقاح الذي سيُعطى للناس للوقاية من الكورونا، وكانت النتيجة في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، موت 319 ألف أمريكي صدّقوا هذه الإشاعات وامتنعوا عن آخذ اللقاح.

وفيما يتعلّق بمستقبل الإعلام، قال الريسي:
أعتقد أنّ خلق حالة تكامل بين الإعلام التقليدي والجديد وصنّاع المحتوى، هو السبيل لنجاح الإعلام، فالعالم لم يعد قرية صغيرة، بل أصبح ضمن اتصال مشترك، بمعنى أن الجمهور اليوم أصبح على امتداد العالم بجهاته الأربع، ويمثّل هذا التحدي أهم التحديات التي تواجه الإعلام، والذي يتطلّب العمل كفريق واحد لخلق حالة تكامل، واختيار ما يُحاكي عاداتنا وتقاليدنا، ويتفق مع هويتنا.

وحول قوة الإعلام، قال سعيد العطر:
إن الإعلام اليوم يشكّل سلطة رابعة وحسب، بل يكاد يكون السلطة الثانية التي تتنافس حولها دول ومجتمعات ورجال أعمال واقتصاديون، وعلى سبيل المثال، كانت منصة Tiktok سبباً في تغيير الرأي العام الأمريكي، فهناك 170مليون مواطن أمريكي موجودون على هذه المنصة، من بينهم أكثر من عشرة آلاف شخص تعتمد حياتهم الاقتصادية على تيك توك، لذلك قامت الحكومة الأمريكية بحظرها، وهذا مثال على قوة الإعلام.

وتحدث العطر، عن التحديات التي تشهدها المؤسسات الإعلامية، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي، وقال:
إمّا أن نكون جزءاً من الماضي أو أن نكون جزءاً من المستقبل، وهذا الأمر لا يحتمل انتظار أشهر أو حتّى أسابيع، لأنّه ثمّة برامج بشكلٍ يومي في الذكاء الصناعي تُغيّر نمط العمل في الصحافة سواء كانت مرئية أم مسموعة أم مكتوبة، إذ يُقال اليوم أنّ الإعلام تزوّج زواجاً كاثوليكياً من التكنولوجيا، فإن لم يكن الإعلام مع التكنولوجيا في مقامٍ واحد ويعملان معا، مُستنداً إلى متخصصين في المجال التكنولوجي، لن يتقدّم، وبالمحصلة، فإنّ الانفتاح على التطور أساسي ومطلوب للاستمرارية.

وفيما يتعلّق بمستقبل الإعلام في ظلّ هذه التحديات والتطورات السريعة، قال العطر: أنا متفائل، خاصة في دولة الإمارات، لأنّنا نمتلك منظومة إعلامية متكاملة ومتناغمة ومتكاتفة، وبالنسبة للعالم، أرى أن المشهد الإعلامي يكتنفه الكثير من الغموض المترافق مع تقنيات متقدّمة وسريعة التغيّر والتطور، إضافة لانتشار الكثير من المؤسسات الإعلامية التي تهدف لتغيير هوية الآخر ومعتقداته وقيمه وثقافته.

من جانبه، أشار نقيب الصحفيين المصريين، خالد البلشي، إلى القاسم المشترك الذي يجمع الاعلام التقليدي والحديث وهو المحتوى، وأضاف:
ظهور الإعلام الجديد المتمثّل بوسائل التواصل الاجتماعي، لم يُلغ الإعلام التقليدي، فالإعلام عموماً مطلب إنساني دائم طالما بقي الإنسان، وخير مثال على ذلك أحداث السابع من أكتوبر، حيث لعب الإعلام التقليدي دوراً أساسياً في نقل الصورة المباشرة من قلب المعركة، ونجح في التعبير عن معاناة الفلسطينيين بكل مصداقية، وانتصر على الإعلام الغربي الذي بكل ما يمتلكه من أدوات لأن الغرب قدّم محتوى مزيّفاً ومُضللاً، في الصحافة العربية بقي النمط القديم للصحافة هو المسيطر، لكن عالم الصحافي أمام تطور كبير جدّا بسبب تطور التكنولوجيا.

وأضاف البلشي:
لا بدّ من تحقيق تكامل بين شَكلي الإعلام القديم والجديد، من خلال تعزيز صحافة المواطنة، والعمل على تطوير المواطن الصحفي، وتدريبه، فهذا هو الحل مع الانتشار الواسع لفكرة استخدام وسائل التواصل.

وفيما يتعلّق بالمستقبل، قال البلشي: أنا متفائل بمستقبل الصحافة، وكلّ ما نحتاجه هو امتلاك الأدوات لمواكبة التطور، وامتلاك محتوى يُعبّر عن الجمهور الواسع وعن مختلف الأطراف، وبذلك أعتقد أنّنا سنمتلك مستقبلاً محترفاً في هذه المنطقة.