رهن مجلس الأمن الدولي، نجاح العملية الانتقالية في اليمن بانسحاب «الحوثيين» من العاصمة صنعاء، فيما سقط قتلى وجرحى أمس الجمعة في مسلسل العنف الطائفي في مناطق عدة من اليمن حيث تستمر الاضطرابات منذ الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 2011. وبحث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في جلسة مشاورات مغلقة، الليلة قبل الماضية، تطورات الأوضاع في اليمن. واستمع أعضاؤه خلال الجلسة التي رأسها الرئيس الدوري للمجلس لشهر ديسمبر الجاري، مندوب تشاد لدى الأمم المتحدة السفير شريف محمد زيني، إلى التقرير المقدم من مساعد أمين عام الأمم المتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن جمال بن عمر والمتضمن تقييمه لمستوى تقدم العملية الانتقالية في هذا البلد، خصوصا ما يتعلق بتنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي توافقت عليه الأطراف اليمنية بمن فيها جماعة الحوثيين أواخر سبتمبر.
وقال مبعوث الأمم المتحدة لليمن في تصريحات للصحفيين عقب الجلسة أنه قدم احاطة لمجلس الأمن، تناولت تقييما شاملا لما وصلت اليه العملية الانتقالية الجارية حاليا في اليمن وكذا مدى التقدم المحرز على صعيد تنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية. وقال: «اطلعت مجلس الأمن على تطورات الوضع في اليمن وسلطت الضوء على بعض الجوانب التي تحقق فيها بعض التقدم منها تشكيل الحكومة الجديدة وإنشاء عدد من اللجان المعنية بمعالجة الوضع الاقتصادي وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني» الذي اختتم في يناير كأهم خطوة في اتفاقية المبادرة الخليجية. وأضاف: «كما ركزت على التحديات الهائلة التي يواجهها اليمن على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني والتباطؤ في تنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية والاختراقات التي تحدث»، مشيرا إلى أن أعضاء مجلس الأمن اجروا نقاشا موسعا حول ما جاء في الإحاطة بشأن الخطوات المنجزة على صعيد العملية الانتقالية، فضلا عن التحديات التي تواجه اليمن وفي مقدمتها التحديات الأمنية سيما النشاطات الإرهابية لتنظيم القاعدة إلى جانب التطورات الأخيرة في عدد من المناطق اليمنية.
وقال: «أكد مجلس الأمن بأن تنفيذ اتفاق السلم والشراكة هو السبيل الوحيد للمضي قدمًا في العملية الانتقالية ولا بديل عنه»، لافتا إلى تعهد الأمم المتحدة «بالاستمرار في العمل بشكل وثيق مع الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح ومع كل الأطراف اليمنية لمساعدة اليمنيين على اتخاذ الخطوات الضرورية لدفع عجلة العملية الانتقالية». وينص اتفاق السلم والشراكة الوطنية على انسحاب المتمردين الحوثيين من العاصمة صنعاء والمدن الرئيسية واستعادة الدولة سيطرتها على مختلف أنحاء البلاد فور تشكيل الحكومة الجديدة، إلا أن المتمردين يرفضون ذلك على الرغم من مرور أكثر من شهر على تشكيل الحكومة برئاسة مبعوث اليمن السابق للأمم المتحدة خالد محفوظ بحاح. وبشأن التواصل الذي يجريه مع جماعة الحوثيين التي تطلق على نفسهم اسم أنصار الله وباتت القوة السياسية والعسكرية الأبرز في اليمن ولديها صلات ودية بدولة إيران، قال بن عمر:«نحن على تواصل مع جميع الأطراف السياسية المشاركة في العملية السياسية اليمنية من بينهم أنصار الله والذين شاركوا في مؤتمر الحوار الوطني وكذلك هم طرف موقع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية ونحن على تواصل وثيق معهم ومع جميع الأطراف اليمنية الأخرى».
الى ذلك ذكرت مصادر قبلية لـ (الاتحاد) أن معارك مسلحة اندلعت صباح أمس بين مسلحين قبليين ومقاتلين حوثيين في بلدة «أرحب» شمال العاصمة صنعاء الخاضعة لهيمنة المتمردين الحوثيين منذ أواخر سبتمبر الماضي. وأوضحت المصادر أن الاشتباكات اندلعت في منطقة «البكول» وسط أرحب ما أدى إلى سقوط جرحى من الجانبين، مشيرة إلى فشل مساعي قبلية في احتواء الصراع الذي نشب الثلاثاء على خلفية استحداث المتمردين الشيعة حواجز تفتيش في مناطق البلدة التي تعد مركز نفوذ رئيسي لحزب الإصلاح .
وذكر سكان أن مسلحين حوثيين تمركزوا صباح الجمعة بالقرب من مزرعة يملكها عضو البرلمان عن حزب «الإصلاح»، منصور الحنق، أحد خصوم الحوثيين ويُعتقد أنه غادر اليمن بعيد سقوط العاصمة صنعاء بأيدي المتمردين في 21 سبتمبر.
ودارت اشتباكات ليلية بين مسلحين من تنظيم القاعدة ومقاتلين حوثيين في مدينة رداع ثاني كبرى مدن محافظة البيضاء (وسط). وذكر مسؤول محلي في رداع لـ (الاتحاد) أن اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية اندلعت الليلة قبل الماضية واستمرت حتى صباح الجمعة في مناطق متفرقة ، مشيرا إلى أن الاشتباكات نشبت بعد أن هاجم مسلحون من تنظيم القاعدة نقاط تفتيش تابعة للحوثيين في أنحاء متفرقة في المدينة التي يقطنها نحو 60 ألف شخص فر غالبيتهم بسبب الصراع المذهبي المستمر منذ أسابيع.
وأكد المسؤول مقتل أربعة حوثيين على الأقل في هذه الاشتباكات التي تأتي بعد يومين على مقتل 20 حوثياً في هجمات مماثلة لمسلحي «أنصار الشريعة» المرتبطة بـ«تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» الذي تعتبره حكومات غربية أخطر وأنشط فروع الشبكة العالمية. وأعلنت جماعة أنصار الشريعة في بيان نشر مساء الجمعة على حساب تابع لها في موقع تويتر، مصرع «عشرات الحوثيين» في أربع هجمات متزامنة استهدفت بأسلحة رشاشة وقذائف صاروخية ليل الخميس الجمعة مواقع تابعة لهم في مدينة رداع. وأوضح البيان أن الهجمات استهدفت نقطتين تفتيش وثلاثة منازل .
وأكد البيان نقلا عن مصادر وصفها بالخاصة «سقوط أكثر من سبعين قتيلا حوثيا كحصيلة إجمالية للهجمات الأربع». وعلى صعيد متصل، أُصيب جنود برصاص مسلحين مجهولين هاجموا أمس الجمعة حاجزا للجيش اليمني قرب حقول النفط الرئيسية في محافظة مأرب شرق العاصمة صنعاء. وأفادت مصادر محلية أن مسلحين يعتقد بأنهم أعضاء في تنظيم القاعدة كانوا على متن سيارتين هاجموا في وقت مبكر الجمعة ثكنة عسكرية مرابطة في منطقة «العرقين» على الطريق المؤدي إلى منشأة صافر لإنتاج النفط الخام، مشيرة إلى أن الهجوم أسفر عن وقوع إصابات في صفوف الجنود الذين سارعوا بالرد على مصدر النيران.
اليمن: الحماية لـ 580 مسؤولاً
صنعاء (الاتحاد)
قال مسؤول أمني كبير في وزارة الداخلية اليمنية أمس الجمعة، إن شرطة حراسة المنشآت وحماية الشخصيات تتولى حماية 580 شخصية رسمية واعتبارية إضافة إلى 366 منشأة حكومية وعامة ودبلوماسية.
ويشهد اليمن اضطرابات سياسية وأمنية منذ اندلاع احتجاجات شعبية ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 2011 أضعفت بشكل كبير سلطة الدولة، وسمحت بتنامي نفوذ العشائر القبلية والجماعات المسلحة.
وأعلن مدير عام شرطة حراسة المنشآت وحماية الشخصيات، العميد أحمد الموساي، تنفيذ 43 خطة أمنية، مشيرا إلى أن أكثر من 19 ألفاً من أفراد شرطة المنشآت نفذوا منذ يناير الماضي 13661 «مهمة أمنية متنوعة»، حسب موقع وزارة الداخلية. إلى ذلك، وعدت الحكومة اليمنية المشكلة في نوفمبر في برنامجها الذي سيبدأ البرلمان بمناقشته غداً الأحد، بـ«تحسين مستوى معيشة موظفي الجهاز الإداري للدولة بما في ذلك قطاعا الجيش والأمن».
الاتحاد