أفاد اتحاد مصارف الإمارات بعدم وجود اتفاق بين البنوك، يمنع تنقّل الموظفين المواطنين في ما بينها، أو يشترط تمضية فترات زمنية معينة في البنك، مؤكداً أن المصرف المركزي لا يتدخل إلا في تعيين موظفي الإدارة العليا، للتأكد من أهليّتهم لتقلّد مناصب مصرفية.
وأضاف أن هذا المقترح تمت مناقشته قبل إصدار وثيقة السلوك المصرفي، لكنه قوبل باعتراض من قبل عدد كبير من البنوك.
بدورهم، قال مصرفيون إن البنوك هي التي تضع مثل هذه الضوابط داخلياً، لافتين إلى أن الموظفين المواطنين يعتبرون اشتراط عدم التنقل، تقييداً لحريتهم في الاختيار، واقتناص فرص الترقّي الوظيفي. وكان مواطنون تقدموا للعمل في القطاع المصرفي، أبلغوا «الإمارات اليوم» أن البنوك التي تقدموا للعمل لديها اشترطت عليهم عدم الانتقال لأي بنك آخر قبل فترة تراوح بين عام وعامين، للموافقة على تعيينهم فيها.
وتفصيلاً، قال المواطن «سعيد.ع» إنه تقدم للعمل لدى بنك وطني في أبوظبي، لافتاً إلى أنه وبعد مرور فترة الاختبارات، ومباشرة إجراءات التعيين وتوقيع عقد العمل، فوجئ باشتراط البنك عليه عدم الانتقال للعمل لدى أي بنك آخر قبل مرور مدة تصل إلى عام على الأقل.
وكشفت المواطنة «عليا.أ» أن مسؤولة الموارد البشرية في مصرف إسلامي في دبي، أبلغتها شفهياً بوجود اتفاق ضمني بين البنوك يقضي بعدم إمكانية انتقالها إلى أي وظيفة في بنوك أخرى قبل مرور فترة تراوح بين 12 شهراً و18 شهراً على الأقل، بدعوى أن البنوك اتفقت على هذه المسألة مع اتحاد مصارف الإمارات.
بدوره، رفض المواطن «إبراهيم.م» وظيفة في بنك وطني، بعد أن أفادته الموظفة بوجود تعليمات من المصرف المركزي تمنع انتقاله إلى بنك آخر قبل مرور فترة عامين على الأقل، للحفاظ على نسب التوطين في البنك. وقال إن موظفة البنك طلبت منه توقيع ورقة إضافية للموافقة على هذا الشرط، لاستكمال إجراءات التعيين.
من جانبها، عرضت المواطنة «أ.ت» من مدينة العين، تجربتها مع بنك تقدمت للعمل فيه، مؤكدة أن البنك وافق على تعيينها على أن تستكمل دورات تدريبية مدفوعة من قبل البنك، تؤهلها للعمل المصرفي، مقابل أن توافق على بند يتضمن عدم انتقالها إلى مكان آخر قبل مرور فترة عامين على الأقل.
إلى ذلك، أكد عضو في اتحاد مصارف الإمارات، فضّل عدم نشر اسمه، عدم وجود ضوابط أو اتفاق بين البنوك تمنع تنقّل الموظفين المواطنين في ما بينها، أو تشترط تمضية فترات زمنية معينة في البنك.وأوضح أن هذا المقترح تمت مناقشته قبل إصدار وثيقة السلوك المصرفي، لكن قوبل باعتراض من قبل عدد كبير من البنوك، ولذلك رفض ولم يدرج ضمن الوثيقة.
ونفى المصدر لـ«الإمارات اليوم»، كذلك وجود أي تعليمات سابقة أو حالية صادرة عن المصرف المركزي في هذا الخصوص، مبيناً أن موضوع التنقل يخضع للسوق المفتوحة والعرض والطلب.
وأضاف أن «المركزي» لا يتدخل إلا في تعيين موظفي الإدارة العليا للبنوك فقط، إذ يشترط موافقته الخطية على التعيين، بعد الاطلاع على السير الذاتية لضمان أهلية المرشحين لتلك المناصب في القطاع المصرفي.
وتابع المصدر: «المتعارف عليه هو تدريب المواطن ومنحه فرص للتعلم والإلمام بمهام وظيفته، وهذه لا خلاف بشأنها، إلا أنه يحدث أحياناً أن يرشح الموظف المواطن لنيل درجة الماجستير مثلاً على نفقة البنك، ما قد يكلف الأخير مبالغ مالية تزيد على 100 ألف درهم، فضلاً عن راتبه الشهري لو تقرر تفرغه للدراسة، وهنا توقع بعض البنوك اتفاقاً مع المواطن المرشح للدرجة العلمية، يفيد باستمراره بالعمل معها مدة لا تقل عن عامين مثلاً، للاستفادة من خبراته، أو دفع تكاليف دراسته، وما تقاضاه من رواتب في حال أصر على الانتقال إلى وظيفة أخرى.
واعتبر المصدر أن هذا حق منطقي للبنوك في هذه الحالة، إذ للموظف الحرية في الرفض منذ البداية.
في السياق نفسه، قال المدير العام للمعهد المصرفي في أبوظبي، صالح عمر عبدالله، إن هناك منافسة بين المصارف على تعيين الشباب المواطن المؤهل، لتحقيق أهداف رفع نسب التوطين، لكن هذا لا يعني تقييد حرية المواطن في الانتقال من وظيفة إلى أخرى بمزايا أعلى.
وأكد أن على البنوك توفير فرص تدريب، وتأهيل مهني، ومسار وظيفي، يضمن التدرج والترقية، فضلاً عن بيئة عمل سعيدة وجاذبة إذا رغبت في الاحتفاظ بموظفيها، مشيراً إلى أن المنافسة يجب أن تقوم على الامتيازات الجيدة، وتوفير بيئة عمل مريحة بعيداً عن اشتراطات تشعر الموظف بأنه مجبر على العمل، ما يضعف الإقبال على التوظيف في هذا القطاع المهم من قبل الشباب المواطن.
وذكر عبدالله أن لدى المعهد برامج لتأهيل المواطنين للعمل في القطاع المصرفي، وبرامج أخرى لزيادة مهاراته وخبراته الأكاديمية.
من جهتها، بينت رئيسة شراكة الأعمال في مجموعة الموارد البشرية في بنك أبوظبي الوطني، عائشة الظنحاني، أنه لا يمكن للبنوك تجنب فكرة التنقل الوظيفي للمواطنين، سواء داخل القطاع المصرفي أو باتجاه قطاعات أخرى تقدم مزايا أعلى مثل الجهات الحكومية.
وقالت إن البنوك تحاول توفير انتماء وظيفي عن طريق مراجعة الرواتب والمزايا التي تمنحها للمواطنين بشكل دوري، وفي المقابل، يجب أن يتعاون الموظف نفسه في ذلك، إذ إنها علاقة بين طرفين.
وأكدت الظنحاني أن من الصعب وضع شروط على تنقّل الموظف، لكن ما نقوم به هو دراسة العروض الأخرى التي تقدم للموظف، ومحاولة مساواتها، إضافة إلى توعية الموظف نفسه بأهمية تراكم الخبرات.
وذكرت أن بعض البنوك في دول مثل ماليزيا، تضع شروطاً بعدم التنقل إلا بعد فترة معينة، أو أن يدفع البنك الجديد الذي يرغب الموظف في الانتقال إليه، مبلغاً مالياً يوضع لدى المصرف المركزي يعادل التكاليف التي تحملها البنك الأول في تدريب الموظف وتأهيله، فضلاً عن الرواتب والمزايا التي حصل عليها.
الامارات اليوم