عائشة سلطان
كتب لي قارئ كريم ملاحظة حول أداء إحدى المذيعات في قناة محلية خلال برنامج ثقافي قائلاً: «الآن على قناة (….) يذاع برنامج (….)، واضح أن المذيعة قد حفظت الأسئلة عن ظهر قلب، لذلك تقرؤها من البطاقة التي في يدها بلا مبالاة، أو كما كتب، دون روح»، يقصد أنها لم تكن تناقش الضيف أو تحاوره، فيما يعرف بالحوار التفاعلي بين المذيع والضيف، ولكنها كانت تحاوره بطريقة الاستجواب القانوني سؤال يتبعه جواب.
تابعت الحلقة لاحقاً، فبدت المذيعة أنيقة وذات وجه صبوح، لكنها، كما قال القارئ الكريم، وكأنها لا تعلم شيئاً عن إمكانات الضيف أو أفق الموضوع الذي تناقشه، وفي الحقيقة فهذه واحدة من سلبيات اختيار وإعداد المذيعين والمذيعات الذين يتم الزج بهم، دون إخضاعهم لإعداد كثيف واحترافي، في برامج سياسية، أو تلك التي تحمل صبغة ثقافية أو تمثل دعماً لمشاريع قومية كبيرة أو حملات ترويجية لثيمات ثقافية تتبناها الحكومة!
لا يمكنك أن تجامل أحداً أو تتساهل فيما يخص شروط الحرفية والمستوى الثقافي للمذيع أو المذيعة، حينما يتعلق الأمر بالبرامج الحوارية الثقافية أو السياسية، فهذه لا يمكن أن تتم بطريقة سين سؤال وجيم جواب، هذا القالب البائس للحوار لا يمكن أن يتقبله الجمهور، كما لا يمكن أن يتم تغطيته بجمال المذيعة ووسامة المذيع، علينا احترام الثقافة واحترام ذكاء الجمهور إذا أردنا إنجاح هذه البرامج.
إن الجمال والوسامة مطلوبان وبشدة، لكن كمتطلبات مساعدة وليست أساسية، كريستيان أمان بور كبيرة مذيعي (CNN) ليست جميلة، وكذلك أوبرا وينفري، ولاري كينغ، ومذيعو (BBC)، وكثير من مشاهير التلفزيون، ولكنهم عمالقة ومتمكنون في عملهم، ذلك أن كبريات محطات التلفزيون لا تضع الوسامة والجمال في المركز الأول حين يتعلق الأمر بالبرامج الجماهيرية السياسية والثقافية، ولكن تأتي الثقافة والحرفية والخبرة والأداء.
يتجنب كثير من المشاهير إجراء حوارات مع مذيعين ومذيعات من أصحاب المستوى الهزيل أو المهزوز، لأنهم يشوهون البرنامج ويعملون على إفشاله بضحالتهم، وفي هذا المجال تذكر الشاعرة السورية الشهيرة غادة السمان، أنها ترفض تماماً إجراء أي حوار تلفزيوني، بعد أن تعهدت لنفسها بذلك في السبعينات، عندما أجرت حواراً تلفزيونياً في القاهرة، واكتشفت أن المذيعة التي كانت تحاورها لم تقرأ أياً من أعمالها!
البيان