د. موزة أحمد راشد العبار
في عام 2013 تواصل التفاعل الجماهيري الكبير مع دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الجميع للاحتفاء بالعلم ورفعه عالياً خفاقاً في كل مكان ومشاركة الجميع هذه الصور عبر وسائل الإعلام والاتصال كافة.. حيث واصل المغردون عبر الوسم الخاص بحملة «يوم العلم» نشر صور لمنازلهم مزدانة بعلم الوطن.. باعتبار الثالث من نوفمبر من كل عام (يوم العلم) وهو اليوم الذي يصادف، ذكرى تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله، مقاليد الحكم، رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة من عام 2004.
والذي انتخب بتاريخه المجلس الأعلى للاتحاد بالإجماع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيساً للدولة، خلال اجتماعه مساء يوم الثالث من شهر نوفمبر 2004 في قصر سموه في البطين بأبوظبي، حيث بدأ سموه تولي مهامه ومسؤولياته، مؤكداً وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد وشعب الإمارات حرصهم البالغ على حماية كل ما أرسى دعائمه الراحل الكبير مؤسس دولة الاتحاد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان من مبادئ وإنجازات، وما رسخه من قيم جسدت معاني النبل والصدق والوفاء ومواصلة العمل على نهجه وصولا لرفاه وخير واستقرار البلاد.
وقد فاجأنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عبر موقعه الإلكتروني بمبادرة غير مسبوقة ولم تخطر على بال أحد بخصوص «علم دولة الإمارات» تمثلت في ابتكار مقترح لعلامة تميز دولة الإمارات عن الدول الأخرى، وهي فكرة مبتكرة تزين وجه دولتنا وتكسبنا جميعا كمواطنين الإحساس بالانتماء إلى وطن الآباء والأجداد.
لقد أطلق سموه هذه المبادرة من خلال موقعه الإلكتروني، مناشداً الجميع لاختيار واحد من خمسة تصاميم اتسمت جميعها برؤية لها عدة دلالات ومعانٍ مرتبطة بخصائص ومقومات مجتمع الإمارات.
ويرى أساتذة علم الأنثروبولوجيا الثقافية أن الرموز التي تتبناها الدول تعود إلى أن الجماعات الإنسانية اضطرت لتميز أصلها القبلي عن سائر القبائل الأخرى، بل إن اتخاذها رمزاً خاصاً لها كان مطلباً ضرورياً، وفي مراحل تاريخية لاحقة انتقلت الفكرة إلى الرومان واليونانيين.
وقد انتقلت فكرة «الرمز» كراسب ثقافي للمجتمعات الحديثة، فنجد أن القبائل الألمانية في عصورها الأولى اتخذت الصقر رمزاً وشعاراً، واستمر شعاراً للأمة الألمانية إلى اليوم. ويلاحظ أن معظم دول العالم ما زالت تستلهم من الحيوانات والطيور رموزاً لها. وفي مراحل لاحقة أخذت الدول تتبارى في اختيار ألوان للعلم الذي يميزها، وجرت العادة أن تعبر الألوان عن خصائص ومقومات المجتمع. فمثلا نجد اللون الأخضر يرمز للزراعة، والأصفر للصحراء، والأزرق للماء أو زرقة وصفاء السماء، أما الأحمر فقد يدل على نضال وكفاح الشعب.
ومعلوم أن لدولة الإمارات علمها الذي تميزه الألوان: الأخضر والأحمر والأبيض والأسود، وهي الألوان التي أجمعت عليها كل الدول العربية، باستثناء: «السعودية وقطر والبحرين وموريتانيا والمغرب»، التي رأت الاحتفاظ بألوان بلادها لاعتبارات معينة. وقد رأى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن يكون للدولة، بالإضافة إلى العلم، رمز (علامة)، وهي مبادرة لاقت القبول والاستحسان والتفاعل معها من قبل الجمهور، من خلال دخول الموقع والتصويت للعلامة المفضلة، والرموز الخمسة المكونة من الألوان الأربعة لعلم الدولة.
تجدر الإشارة إلى أن العلامة المقترحة والتي تم عرضها أمام مجلس الوزراء آنذاك، تعتبر علامة ترويجية هدفها إيصال رسالة الإمارات إلى العالم برؤية جديدة ومبتكرة، للتعريف بمجموعة الخصائص التي تميز دولة ومجتمع الإمارات، في الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية.. وكل الدلائل تشير إلى أن فكرة إطلاق علامة (رمز) لدولة الإمارات جاءت لتساير استراتيجية الدولة للتعريف بمكانة وموقع الإمارات بطريقة مبتكرة وجذابة.
والعلامة وفق التصاميم الخمسة التي لا تختلف في الفكرة ولا في المضمون، يستدل منها أنها إطار مرجعي على دولة ناشئة، شقت طريقها بعزيمة قادتها وقناعة مواطنيها، للسير قدما في اتجاه مستقبل مشرق وواعد.
والإمارات السبع التي يرمز لها هذا الشعار، لا تعرّف نفسها كدولة نفطية لها موقعها الجغرافي المحدد وبنيتها التحتية المميزة وقوانينها، فالإمارات ليست مكاناً فحسب، بل هي نسيج سكاني منتظم ومتناغم.. مجتمع ينطلق من ماضٍ عريق، ويمزج بوعي بين التراث والمعاصرة وبين الأصالة والتجديد.. ولهذا كتبت العلامة المميزة للدولة باللغتين العربية والإنجليزية، للتأكيد على استدامة «الوسطية» كنهج وأسلوب حياة يسيطر على العقلية الإماراتية، التي تنبذ العنف وتدين التطرف بجميع أشكاله..
الوسطية التي ترمز لها العلامة، حسبما أرى، تمثل إطاراً معرفياً يوازن بين الماضي والمستقبل، لأنها كفكرة تنطلق من الأول وتستشرف آفاق الثاني…
البيان