خالد السويدي
كنت أعرفه منذ أن كان موظفاً جديداً لا يعرف شيئاً عن المؤسسة التي يعمل فيها، لكنه خلال أكثر من عشر سنوات استطاع أن يكون موظفاً جديراً بالثقة، فأغلب الأعمال المكتبية تمر عن طريقه، بسبب كفاءته وإلمامه بكل صغيرة وكبيرة في اللوائح والقوانين ونظام العمل.
فوجئت قبل فترة بوجود نية لنقله من الإدارة التي يعمل فيها، وأن البديل، أو بالأحرى البديلة، ليس لديها أي خبرة في الوظيفة، بل يوجد ضغط من أحد المديرين لتوظيفها مكان الموظف القديم الذي يعرف كل واردة وشاردة في العمل.
قلت لنفسي: لربما ارتكب غلطة كبيرة تستدعي نقله، ولربما هناك أمر خفي يتعلق بالموظف، لأنه من غير المعقول أن تكون هناك نية للاستغناء عن أي موظف كفء هكذا دون سبب محدد، إلا لو كان المسؤول عن نقله متخبطاً في الإدارة، لا يعرف كوعه من بوعه.
وبما أنني شخص فضولي أعشق البحث عن الحقيقة، فقد سألت هنا وهناك، وتقصيت أكثر من مصدر، لأكتشف أن الموظف (سين) لم يرتكب أي خطأ، ويعد موظفاً متفانياً في عمله، وبمزيد من البحث والتحري اتضح أن المدير متزوج بسيدة عربية قام بتوظيف شقيقها، أي نسيبه، من باب «الأقربون أولى بالمعروف»، وعلى مبدأ الولاء والطاعة قام بتوظيف زوجة نسيبه، ولم يكتفِ بذلك بل إنه كريم جداً من مال الحكومة، لذلك يسعى حالياً لتوظيف شقيقة زوجة نسيبه مكان الموظف القديم، ولا نعلم ماذا سيحدث بعد ذلك، فربما تتحول من مؤسسة شبه حكومية إلى مؤسسة عائلية يديرها المدير مع أنسابه وأفراد عائلته.
هنا تذكرت عدداً من الجهات التي حاول عدد من المسؤولين فيها جلب أقربائهم ومعارفهم، ثم بدأت الخطوة الثانية بالتخلص من الموظفين المنافسين، لتتحول في النهاية إلى مؤسسات فاشلة طاردة للكفاءات المميزة.
لا أعتقد أنه يوجد إنسان عاقل سيختلف معي في أن ما يحدث في مثل هذه المؤسسات خطأ لا يمكن السكوت عنه، ولا أعتقد أنّ المصلحة الشخصية مقدمة على مصلحة المؤسسة، إلا لمن كان في قلبه مرض، وأخيراً لا أعتقد أن المدير الذي يعرفني جيداً سيأخذ الموضوع بصورة شخصية، فالخطأ خطأ بغض النظر عمن ارتكبه.
الامارات اليوم