يبدو أن حظي مع الخدم مثل حظي في الحياة، عاثر متعثر، فمسلسل معاناتي مع هذه الشريحة من العمالة التي لم نعد نستطيع العيش معها ولا من دونها مستمر كمسلسل مكسيكي أو تركي طويل، لا تزال المعاناة مستمرة، ولا أزال أضيع نقودي وحقوقي في ظل غش تعاقدي وتجاري مع مكاتب جلب الخدم المتعنتة بعنجهية من يملك شيئاً أنت في حاجة إليه، وكأنك تستجدي الحصول على خادمة على الرغم من أنك تدفع تكاليف باهظة لإحضارها وكفالتها.
تلخبط ابني لكثرة الأسماء التي تعامل معها من هؤلاء الخادمات، تأتي الواحدة بعد الأخرى، وكل واحدة لديها قصة أو مصيبة، الأخيرة كانت مغامرة، وعلى الرغم من غبائها وقذارتها التي أتحملها مجبرة، وجدتها ولم يمض على وجودها أكثر من شهر، تخبرني بأنها قررت أن تعمل عند الجيران الأجانب عملاً جزئياً لأنهم يدفعون بالساعة، وبطبيعة الحال لم نعطها الموافقة على ذلك لأننا سوف نكون مسؤولين قانونياً عن عملها لدى الغير، وهو ما يتعارض مع القانون، فغافلتنا في المساء وخرجت من المنزل ولم تعد، لكن مواطنتها التي سبقتها لها قصة أخرى، فلم يمض على وصولها سوى أسبوعين حتى أخضعناها للفحص الطبي والذي جاءت نتائجه مخيبة لأنها مصابة بمرض معدٍ، والله ستر، وكان لا بد من إبعادها إلى خارج الدولة، وهكذا أعدناها إلى مكتب جلب الخدم كإجراء تعاقدي متعارف عليه، طبعاً كلفنا إحضار “الخانوم” الكثير في عصر الغلاء المدعوم بتعنت وعنجهية مكاتب جلب العمالة.
الخادمة التي سبقتها كانت أفضل بكثير، فقد كانت صريحة لتقول إنها لا ترغب في العمل مع الأطفال، أو الاعتناء بهم، فهي تخشى أن تقتلهم، وعندما ذكرت تلك الكلمة، لم أتمالك نفسي وأصبت بحالة فزع ورعب، فقد داهمتني المخاوف من منطقها ولذلك أعدتها أيضاً لأن سبب وجودها في منزلي هو الاعتناء بالأطفال في غيابي..
أما من سبقت هؤلاء، فقد كانت عجوزاً شمطاء مخيفة تشبه الساحرات في الأفلام، لدرجة أنها استحلت منزلنا الصغير، فلا نعود إلى المنزل حتى تذهب هي إلى النوم، وانتهى بنا الأمر لنخدمها ونعد لها الطعام، وننظف وراءها ونحرص على راحتها خشية غضبها وتسليط لعناتها علينا، وأنقذنا منها طلبها البحث عن عمل أفضل لأنها لا تجد عملاً تقوم به لدينا..
لا بد أن اللعنة التي تركتها تلك الخادمة، بعد أن قضت عامين عندنا تمارس تعاويذها وسحرها وتعرف ما نقول أو نقوم به في غيابها، دفعتنا لأن يصيبنا الوهم بسحرها، حتى أخبرتنا أن الوقت قد حان لتعود إلى بلادها بعد أن حملت ما غلا ثمنه وخف وزنه ونحن نتفرج ببلاهة وبلا حول ولا قوة..
– عن الاتحاد