الفجيرة نيوز- اختتمت يوم الثلاثاء 16 إبريل الجاري فعاليات الدورة الرابعة من “ملتقى الفجيرة الإعلامي” الذي أقيم في فندق كونكورد الفجيرة بحضور سعادة محمد سعيد الضنحاني نائب رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام ، الذي أعرب عن شكره وعظيم إمتنانه لكل المشاركين في الملتقى، والذين أثروا جلساته بفكرهم ، مشيدا بالجهود التي بذلوها في الخروج ببعض النتائج، والتي سيستفاد منها في دعم وتطور وسائل الاعلام من حيث الأداء والمهنية والجوانب التقنية .
وشهد الملتقى خلال جلساته حضورا مكثفا ونوعيا من المشاركين والطلبة والجمهور، وبشكل أقل في الجلسة الختامية نتيجة التأثر بأخبار الهزة الأرضية التي ضربت جنوب إيران، كما غطت الصحف المحلية والعربية وقائع الملتقى بشكل استثنائي وكبير، وقدم الكثير من المشاركين المعروفين على المستوى العربي شهادات في ما وصل اليه الملتقى من نجاح وتميز.
واشتمل الملتقى في يومه الثاني الختامي على ثلاث جلسات، حيث أدارت الجلسة الأولى الإعلامية والشاعرة ميسون أبوبكر من القناة الثقافية بالسعودية بمشاركة نخبة من الإعلاميين الذين ناقشوا تأثير الأحداث العربية المتشابكة على مصداقية إعلام الحكومات، وبدأ الحوار د.رياض نعسان آغا الكاتب والوزير السابق في سوريا حيث تحدث عن المصداقية والتي تعرضت عبر عقود ماضية الى كثير من الشك والريبة، مشيرا الى أن بعض الشعوب العربية لم تعد تثق بإعلامها الرسمي مما تسبب في إنفجار الثورات العربية ، داعيا الى ضرورة استفادة بقية الدول العربية مما حدث في أن يتنبه إعلامها الرسمي الى أهمية تعميق الثقة بينه وبين جمهور المتلقين ،وبالتالي أن يعيد النظر في أخطائه وعيوبه، وأن يصحح باستمرار لكي لا يقع في أزمات مستقبلية يمكن ان يتجنبها “.
وقال الكاتب والإعلامي عبدالوهاب بدر خان في مداخلته” إن ما يحدث الآن من تغييرات في بعض الدول العربية يعد مرحلة إنتقالية ولا يمكن الحكم على الاعلام الحكومي من حيث المصداقية، مشيرا إلى أنه لم تظهر أي ملامح تغيير حقيقي للإعلام الحكومي إلا في شكل بعض التغطيات والمقاربات للمواضيع، موضحا بأن ما يحدث من تغييرات يشهد تقدما في تطوير الأداء الحكومي ليصبح أكثر تفاعلا مع الجمهور، كما أصبح هناك مبدأ اساسي يحكم جميع الدول وهو إحترام الحريات ،واختتم بدرخان حديثه بأنه يمكن القول إن الإعلام مثله مثل المجالات الأخرى فهو بصدد التغيير، وينتظر التوافقات التي ستحصل حول الدساتير المكتوبة ، فإذا احترمت تلك الدساتير الحريات وأرفق ذلك بقوانين تحدد كيفية إحترام هذه الحريات ،فهذا بكل تأكيد سينعكس على الإعلام الحكومي بشكل أو بآخر، فالحكومات كانت تريد أن تسن وتقنن وتحدد ما تريد أن يقوله ويعرفه المواطن ولا تزال هذه الثقافة موجودة إلى اليوم”.
من جانبها استعرضت مقدمة الأخبار والبرامج السياسية أسماء الحاج من فضائية القدس في بيروت أبرز التحديات التي تضع الإعلام الحكومي الرسمي أمام أزمة حقيقية والمتمثلة في الثورات العربية وظهور وسائل إعلام وفضائيات خاصة بالإضافة الى الإعلام الجديد مع إتساع وعي المواطن العربي وتفاقم أزمة الثقة بين الجمهور والإعلام الرسمي، وأشارت في ذلك الى أثر الثورات العربية في زعزعة أركان الإعلام العربي الرسمي وما استطاعت أن تقوم به وسائل الإعلام الحديث من ثورة حقيقية واكبت ثورة تكنلوجيا المعلومات، والتي أستطاعت أن تسير بمسار تكاملي لربما مع الوسيلة الإعلامية التقليدية في طريقة التعاطي مع الخبر ونقل الحدث العربي بكل أبعاده، وقالت الحاج : لقد استطاع الإعلام الجديد أن يعبر ولو بشكل بسيط عما كان يود المواطن العربي أن يقوم به من خلال مواكبته للإحداث ،فأصبح أي مواطن بسيط هو صانع للخبر وليس متلق فقط، مشيدة بفكرة ملتقى الفجيرة للإعلام والمحور الذي اختاره في هذه الدورة و الذي أكدت على أنه يمثل البداية الحقيقية لتدعيم حرية الإعلام والرأي، وللتعلم من التجارب العربية على مستوى تغيير طريقة التعاطي في الإعلام العربي مع الجمهور ، وتطرقت الحاج في ورقتها الى الإعلام الخاص ودوره في تشكيل سياق الإصلاح السياسي في المجتمعات وعكس طبيعة العلاقة ما بين الدولة والمجتمع ، واختتمت ورقتها بأنه يجب ان يعزز الإعلام الحكومي مصداقيته من خلال الإستفادة من المتغيرات ،الحالية وتسليط الرؤية على ما يقدمه الإعلام الخاص والإستفادة من إيجابيات ما يقدمه لتدارك الفجوات التي كانت في السابق.
وبخصوص الجلسة الثانية التي حضرها المهندس محمد سيف الأفخم عضو مجلس إدارة الهيئة وأمين عام الهيئة الدولية للمسرح حول “مصداقية مواقع التواصل الاجتماعي الإعلامية” والتي أدارها الإعلامي زاهي وهبي من لبنان فقد شارك فيها أربعة من الإعلاميين والأكاديميين والكتاب، وقد اختلفت الآراء حول آلية التعاطي مع مواقع التواصل الاجتماعي.
حيث تساءل الإعلامي والوزير السابق من الكويت د.سعد بن طفلة “كيف نثق بالمعلومات التي ينقلها مشتركون في الفيس بوك على سبيل المثال بأسماء مستعارة كالطائر الأخضر أو ما شابه، فبطبيعة الحال المعلوم لا يرد على المجهول والعكس صحيح”، ويضيف “إن عقل الشباب متشكل على الثورة الرقمية، بينما جيلنا متعلم لها وهنا يكمن الفرق، كما أن لكل وسيلة تواصل اجتماعية مستقطبين”.
الكاتب والإعلامي أمجد ناصر مدير تحرير صحيفة القدس العربي في لندن يرى أن وسائل الإعلام الاجتماعي وجدت لخلق تواصل بين الناس ونقلهم من العزلة، وقد أصبح الصحفي يلجأ إلى مثل هذه المواقع لينشر ما لم يتمكن من نشره في صحيفته أو في صحف أخرى لأنه وجد له منفذا ومتسعا من الحرية، ومن هنا تظهر أهمية وتأثير هذه المواقع، وعلى سبيل المثال نجحت وسائل الاتصال الاجتماعي في حشد الجمهور خلال الثورة المصرية، كما أن سوريا اعتمدت على المواد الإخبارية التي كان ينقلها النشطاء الإعلاميون”.
من جهتها أكدت الكاتبة فاطمة بن محمود من تونس على أن العالم الافتراضي كان يعكس الواقع إلى حد كبير، وأن الفيس بوك مكان آمن يسهل التعامل معه، وأنه قد يمثل أيضا بؤرة توتر افتراضية، كما أعطت مثالا على بعض القنوات والبرامج الإخبارية التي تخصص زمنا لعرض الأخبار التي تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي على رأسها الفيس بوك.
أما ختام الجلسة فكان بالأكاديمي والإعلامي د. ياس بياتي من جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بفرع الفجيرة الذي قال “إن المصداقية تظل نسبية وليست مطلقة، والمشكلة في أننا نتحدث عن المصداقية دون أن نحدد معاييرها وسماتها، وهي نتيجة وجود اشكالية في المنهج العلمي”، ويضيف “القائم بالاتصال لا بد من أن يكون واعيا ومثقفا ليتمكن من التمييز بين الحقيقة والتضليل ولا بد من التأكد من مصداقية المصدر، حتى نتجنب الوقوع في شباك الجهات الإعلامية المضللة التي نجحت في تدمير دول عن طريق الكذب وتضليل الرأي العام كما حدث في العراق”.
وخلص بياتي في ختام عرضه الى أهمية تسليح الإعلاميين بالمهنية والموضوعية والمصداقية في نقل الاخبار والتأكيد على الدور الايجابي للإعلام الالكتروني في تمكين الأفراد من التعبير عن مطالبهم بالاضافة الى ضرورة ايجاد إطار قانوني ينظم عمل الإعلام الالكتروني واحترام الحق في تداول المعلومات .
وأختتم الملتقى فعالياته بجلسة تناولت موضوع (الجمهور الحائر أين يجد مطلبه ،حوار وسائل الإعلام وتقاطعاتها” وترأس الجلسة الإعلامي حسام عبد الهادي نائب رئيس صحيفة روز اليوسف من مصر، وتحدثت في بداية الجلسة الدكتورة نجلاء العمري المدير الإقليمي للبي بي سي بالقاهرة والتي أكدت على وعي الجمهور ومقدرته في التحكم فيما يختار من مادة إعلامية، مشيرة الى أنه في نفس الوقت هناك حالة من الاستقطاب الحاد داخل الإعلام العربي خاصة فيما يتعلق بالقضايا السياسية أو ما يعرف بالربيع العربي وهذا يعني إما مع أوضد، ويغيب عن الإعلام العربي وجهات النظر ما بين هذين الموقفين، مشيرة الى أن الجمهور العربي في الغالب لا يجد ما يعبر عنه وعن آرائه داخل القنوات المختلفة ولكن ذلك يحتاج الى بعض الوقت فلا بد من إتاحة الفرصة للمتلقى للتعبير عن رأيه وتوفير إحتياجاته حتى لا يلجأ للوسائل الخارجية في الحصول مع المعلومة .
من جانبه أشار الإعلامي فيصل الشبول مدير وكالة الأنباء الأردنية ” بترا” الى التحول الذي يطال المجتمعات العربية ،مؤكدا ان ما يحدث في العالم العربي هو حالة من عدم الاستقرار لأن التغيير الإجتماعي بطبعه يتم ببطء، ولكن هذه الحالة ستتغير وتصبح الى الأفضل وبالتالي المواطن العربي سيكون أفضل مما هو عليه الآن ،وذكر الشبول أن هناك تدفقا غير مسبوق للمعلومات عن طريق القنوات الفضائية او التدفقات الأرضية عبر شبكة الإنترنت أو وسائل التواصل الأخرى منها الحقيقية ومنها الكاذبة ولكن برغم ذلك الجمهور له المقدرة في ان يميز بين هذه المعلومات .
واستعرض الأكاديمي والإعلامي د. وليد فتح الله بركات مدير مركز التدريب والتوثيق والإنتاج الإعلامي بالقاهرة ورقته والتي حملت عنوان الثراء الإعلامي في عصر الفضائيات بين حاجة الجمهور للمعرفة والالتزام الأخلاقي للإعلاميين وتطرق خلالها الى ظهور مجموعة من القنوات التلفزيونية الجديدة خلال العشر سنوات الأخيرة والتي تنوعت فيما بينها فى الموضوعات والتوجهات الايديولوجية والأهداف، فالبعض حكومي يسعى لإقناع المشاهد بخطط الحكومة وانجازاتها والبعض الآخر تجارى يستهدف تحقيق أكبر قدر من المكاسب، والبعض ديني أو سياسى يدعو لهذا الدين أو تلك الطائفة أو ذاك الحزب، والكل يتنافس فى حلبة إرضاء المشاهد وجذب انتباهه، والمشاهد ينتقل بجهاز التحكم عن بعد بين هذا الفيض من القنوات سعياً للحصول على المعلومات أو الترفيه أو غيرها. ونظراً للتنافس الشديد بين هذه القنوات على النيل من كعكة الإعلانات فقد راح بعضها ينحدر بذوق المشاهدين بدعوى أن هذه النوعية مطلوبة جماهيرياً، وقد صاحب ظهور هذا السيل من القنوات – مساحة متسعة من الحرية بصورة عامة ، ولا يعني ذلك تساوى مساحة الحرية فى كل الدول ولكنها حتى فى أشد الدول محافظة وانغلاقاً- تعد أرحب وأوسع مما كانت عليه قبل عشرين أو ثلاثين عاماً.
من جانبه أوضح الإعلامي معن البياري من صحيفة البيان الإماراتية إلى أنه ليس هناك أي دراسات تقيس الرأي العام عموما لمعرفة مزاج الجمهور العربي بشأن وسائل الإعلام وماذا يستهلك من مواد إعلامية ،وهل هناك اولوية للمادة السياسية على المادة الترفيهية ،مشيرا في ذلك الى تأثر الجمهور بما هو عاطفي وبما هو خطابي ،واهتمامه بما هو محلي .
وفي ختام جلسات الملتقى عبر المشاركون عن سعادتهم لنجاحه مقدمين شكرهم وتقديرهم لهيئة الفجيرة للثقافة والاعلام على دعوتهم للمشاركة فيه ،ولنجاحها في إختيار واحد من الموضوعات المهمة التي تناقش هموم الإعلام والإعلاميين والجمهور المتلقي في المنطقة.