د. منصور أنور حبيب
قليلة في تركيزها كثيرة في مفعولها. جعلت من حروف الهجاء اسماً لها وانطلقت في أنحاء الجسم المتفرقة تبني هنا وتحمي هناك حتى غدت تتصدر أرفف الصيدليات ومحلات المكملات الغذائية.
الفيتامينات عبارة عن مركبات عضوية مهمة للكائن الحي وتعتبر مغذيات حيوية يحتاج لها الجسم بكميات محدودة. في الوقت الحاضر يوجد ثلاثة عشر نوعاً من الفيتامينات معترف بها عالمياً.
في الآونة الأخيرة أخذت مجموعة منها اهتماماً أكبر نظراً لتأثيرها في عمليات الجسم المختلفة وعدم حصولنا على الكفاية منها لأسباب عدة أهمها التنافس الكبير بين مطاعم الوجبات السريعة في فتح أفرع لها في كل شارع و«فريج» وكأن بينها وبين منافذ الأكل الصحي حرب داحس والغبراء.
فيتامين ب 12 يقوم بدور حيوي في تغذية الأعصاب وكرات الدم بشقيها الحمراء والبيضاء. ليس هذا فحسب بل يدخل في تصنيع مادة الوراثة الهامة «د ان اى» مُجنّباً الخلايا الاختلالات التقنية وما يعقبها من توحش الخلايا وتسرطنها.
خلق الله عز وجل هذا الكون في توازن دقيق وجعل لكل شيء دوراً يتناسب مع هذا التوازن. عند وصول الطعام للمعدة تنطلق الأحماض من جدار المعدة لتقطيع الأكل «هضمه». وفي نفس الوقت تساعد في امتصاص فيتامين ب 12 عن طريق آلية معقدة. لكن عندما يكثر الإنسان من تناول الفلفل والدهون والتدخين تضطرب المعدة وأحماضها. والنتيجة اللجوء إلى الأدوية والتي من مضاعفاتها الجانبية منع دخول فيتامين ب 12 للجسم. لكن لو وازن الإنسان في أكله وشرابه لتجنب هذه الدوامة.
يتميز فيتامين ب 12 بوجوده في السمك واللحم والدجاج، فمصادره عديدة ولكن عند فئة كبار السن يتم اللجوء لمكملات الفيتامين.
ثاني الفيتامينات الهامة هو حمض الفوليك. هذا الفيتامين لديه مكانة خاصة عند النساء وخصوصاً المقبلين على الإنجاب والحوامل. بحوث ودراسات عديدة تم عملها على هذا المركب الهام والتي جعلت منه يزاحم أدوات المكياج في شنط النساء.
المشكلة أن الثقافة الموجودة في مجتمعنا هي أخذ مكملات حمض الفوليك بعد حدوث الحمل. في اعتقادي يجب البدء به مع تجهيز العروس لفستان العرس والكوشة (خصوصاً إذا كان الإنجاب من الأولويات). فالدراسات أثبتت أهميته ثلاثة أشهر قبل حدوث الحمل زائد الجزء الأول من الحمل «حتى بداية الرابع».
أما عن المصادر الطبيعية فحمض الفوليك موجود بكميات كبيرة في الخضروات والفواكه والبقوليات.
موجود منذ بدء الخليقة. هو فيتامين الحياة، هو فيتامين الشمس. سرق الأضواء في السنوات الأخيرة وأصبح ينافس المشاهير من حيث الصيت والسمعة. لكن حصول فيتامين «د» على كل هذه الألقاب لم يأت من فراغ.
الدراسات الحديثة تكشف يوماً بعد يوم عدم اقتصار الفيتامين على بناء العظام فقط بل له دور في التواصل السليم بين الأعصاب والعضلات وله دور في الحماية من بعض السرطانات وله دور في الحفاظ عل الشعر من التساقط وتطول «اللستة». هناك من يبالغ في الفوائد وهناك من يقلل من شأن هذه اللستة لكن عليّ قول المثل: «ياخبر اليوم بفلوس بكرة ببلاش».
المُضحك المُبكي أن أهم مصدر طبيعي لفيتامين «د» هو جلود أجسامنا لكن رغم هذا نعاني من نقص الفيتامين، لماذا؟ لأن الشمس يجب أن تلامس أجسادنا لتفعيل الفيتامين وهو غير ممكن في بلادنا المشمسة؟ لدينا غيوم تحجب الشمس عنا لكنها من نوع آخر. أسقف المراكز التجارية، الحساسية من الجلوس في الحدائق، الإصرار على تغطية الجسم بشكل كامل داخل المنزل، بيئات العمل المغلقة، إيقاف السيارة عند مدخل المركز التجاري إن لم يكن داخله.
أما عن مصادر الطعام لفيتامين «د» فهو موجود في صفار البيض وكبدة اللحم والدجاج وبنسبة كبيرة في سمك السلمون.
رابع الفيتامينات الهامة هو فيتامين ب 6 . له دور هام في تنظيم النوم والمزاج والشهية وهو موجود في الحبوب الكاملة والمكسرات والخضروات. بشكل عام قد تقل نسبته عند كبار السن ويمكن الحصول عليه من المكملات الغذائية إلى جانب ما ذكر من الطعام.
أخيراً وليس آخر مركب هام جداً وخصوصاً في منطقة الخليج وهو الحديد. فهو الرفيق الأزلي للأكسجين. يحمله من كرة دم حمراء لأخرى وينقله لأعضاء الجسم المختلفة مجدداً بها خلايا الجسم وأنسجته.
غريب أمر الحديد. القليل منه يؤدي إلى فقر الدم وتبعاته من الضعف والهزال وفي المقابل كثرته يؤدي إلى فشل الكبد واعتلال الجسم، ويعتبر الحديد إلى جانب حمض الفوليك من أساسيات غذاء الحامل. وهو موجود بكثرة في الأكلات البحرية والدجاج واللحم إلى جانب العدس والسبانخ.
سيمفونية موسيقية تعزفها اوركسترا الفيتامينات في داخل أجسامنا جاعلة منها بحق «اكسير الحياة».