تقديم المساعدات إلى الدول النامية في قارات العالم المختلفة، من دون ربطها بالتزامات سياسية معينة في مقابل تلك المعونات، أمر غير اعتيادي في العالم الحديث القائم على المصالح، لكن الأمر في الإمارات مختلف تماماً، فالعطاء هُنا من أجل العطاء، ومن أجل خدمة البشرية ومساعدة فقراء العالم دون شرط أو قيد.

صندوق أبوظبي للتنمية خير مثال، فهو يمثل نموذجاً فريداً من نوعه من حيث الأهداف السامية التي لا يدخر وسعاً من أجل تحقيقها، كصندوق يقدم العون إلى الدول النامية في قارات العالم المختلفة.

الصندوق يعمل على تقليل عدد الفقراء في العالم، من دون أن يرتبط ذلك بالتزامات سياسية معينة من جانب الدول المتلقية للمعونات والقروض الميسرة، الأمر الذي يضع الصندوق في مرتبة لا تطاولها بقية الصناديق الإنمائية حول العالم.

فكرة تأسيس صندوق أبوظبي للتنمية ولدت قبل 45 عاماً على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث وضع الأساس المبتكر والمتين لعمل إنمائي، سابق لعصره وزمانه، إذ شمل عطاؤه عشرات الدول ضمن عملية مؤسسية متجددة تسهم في نهضة الأمم، وتعمل على تحسين الظروف المعيشية لملايين البشر.

هو أصدق تعبير عن روح دولة الإمارات المعطاءة التي لا تتوانى عن تقديم يد العون لجميع الدول وللشعوب في شتى أنحاء العالم، حتى أصبحت دولتنا تحتل المرتبة الأولى كأكبر مانح للمساعدات الإنمائية والإنسانية على المستوى العالمي.

وقد استطاع الصندوق أن يسن سنة حسنة قلما اهتمت بها الدول والمنظمات والمؤسسات الدولية، إذ جعل المساعدات التنموية تأتي ضمن الأهداف والقيم النبيلة، وهو ما تؤكده بوضوح نوعية المشروعات التي يركز عليها الصندوق، والبنود التي تتضمنها عملية التمويل.

أهداف سامية ونبيلة سعى إليها صندوق أبوظبي، تمثلت في محاربة الصندوق الثلاثي الخطير (الجهل والفقر والمرض) حول العالم، بإطلاق مشروعات تنموية مستدامة ودعم قطاعي الصحة والتعليم في دول عديدة، وأسهم ولايزال يسهم في ترسيخ مكانة دولة الإمارات الرائدة في تقديم المساعدات التنموية على مستوى العالم.

اعتبر الإنسان أساس عملية التنمية وهدفها في الوقت نفسه، إذ حرص على توفير الكثير من فرص العمل لتقليص معدلات البطالة، مع توفير موارد مالية لإنشاء مشروعات البنية التحتية والأساسية التي تنتقل بالاحتياجات المعيشية والحياتية إلى مستوى أفضل.

ففي الوقت الذي ينفذ فيه الصندوق مشروعات حيوية تعزز من إمدادات الدول النامية من موارد المياه، سواء لأغراض الشرب أو الزراعة، فإنه يحرص على توفير المسكن الملائم للعائلات من ذوي الدخل المحدود، في دول نامية عديدة.

وبنظرة سريعة إلى القروض الميسرة التي منحها الصندوق التي تجاوزت 27 مليار درهم، ومنح الحكومة التي بلغت 41.7 مليار درهم، واستثمارات الصندوق التي بلغت 2.8 مليار درهم، فإننا نلاحظ التنوع في التعامل مع المشروعات المختلفة حول العالم، إذ يتم توفير الموارد المالية للمشروع بحسب ظروفه المحيطة، وظروف الدولة المقام فيها، والسكان المستفيدين منه. كما نلاحظ ضخامة الموارد المالية التي أتاحها الصندوق لهذه المشروعات، إذ بلغ إجمالي القروض والمنح والمساهمات نحو 74.8 مليار درهم.

ويكشف عدد الدول المستفيدة من عون وتمويلات الصندوق، والذي وصل إلى 78 دولة، أن إدارة الصندوق كانت ومازالت حريصة على الوصول إلى بقاع مختلفة وعديدة في أرجاء المعمورة، لتحقيق الرسالة السامية وهي محاصرة الفقر، وتقليل عدد الفقراء حول العالم.

الامارات اليوم